السلام عليكم اخوتي واخواتي الكرام في منتدى المزرعة نت
أرجو من الله ان تكونوا جميعا بخير ,وبعد فقد سرَّني ان اطلعت على موضوع ضرب الله به مثلا ألا وهو (النبات)وأخص به نواة التمرة فقلت ان انقله لكم كما هو راجيا من الله ان ينفعنا به وننفع به وهو من موقع ارض البيلسان :
الفتيل
القـــــرآن الكــــــريم هــــو كلام الله سبحانه وتعالى، المنزل عـــلى عبده ورسوله محمد - صــــلى اللــــه عليــــه وســـــلم - المتعـــبد بتلاوته.
المتحدي بأسلوبه... وهو ليس كغيره من الكتب السماوية التي سبقته في النزول، فقد جاء مصدقاً لها، ومهيمناً عليها، وقد تعهد الله تعالى بحفظه، وجعله المعجزة الخالدة والباقية الى أن تقوم الساعة، فتميز بذلك على كل المعجزات التي أيَّد بها رسله السابقين على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم، وقد تعددت أساليب الإعجاز وأشكاله في القرآن الكريم، والتي من بينها الاعجاز اللفظي... فقد جاء القرآن الكريم معجزاً في ألفاظه ومفرداته وتراكيبه اللغوية... فعلى الرغم من جزالة لفظه، وسهولة أسلوبه إلا أنه اعجز أهل اللغة والبلاغة والفصاحة على مر العصور أن ينالوا منه أو يصلوا الى منتهى معاني ألفاظه.
ومن الحقائق المؤكدة ان الإنسان لا يتأثر بالقرآن الكريم، ولن تلامس معانيه الجميلة قلبه، إلا إذا تعرف على مفرداته وفهم مراد الله تعالى منها... وهذا أحد أهم طرق التدبر والتفكر في القرآن الكريم الذي أمرنا الله تعالى به... ومن ثم تزداد معرفة بربنا جل وعلا، وفهماً لديننا وشريعتنا، ونزداد إيماناً بالله تعالى، وبقضائه وقدره، ونسلم له سبحانه وتعالى تسليماً مطلقاً في كل أمورنا.
ومن هنا ستكون وقفتنا اليوم مع الاعجاز اللفظي في القرآن الكريم من خلال تدبر بعض المفردات التي تشترك في المعنى والمراد بها، وإن كانت الفوارق من بينها دقيقة جداً في معناها، والأهم من هذا أن هذه المفردات، وهي (الفتيل - النفير - القطيمر) توجد ثلاثتها في النواة الموجودة بداخل التمرة...
وهذه النواة الصغيرة الحجم هي التي يخرج منها الجنين الذي ينمو فيصبح (النخلة) هذه الشجرة الطيبة ذات الثمار الطيب... فلنتعرف معاً على معنى هذه المفردات ومقصود الله تعالى من التعبير بها في كتابه العزيز.
في السطور التالية نعرض لبعض أراء المفسرين وأهل العلم حول معاني المفردات والألفاظ التي قصدنا الحديث عنها، ومراد الله تعالى من التعبير بها، وما يترتب على فهم معاني هذه الألفاظ من حقائق إيمانية.
الفتيل
ورد ذكر الفتيل في القرآن الكريم في ثلاث آيات:
الأولى: قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (النساء: 49).
والثانية: قوله تعالى: (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا) (النساء: 77).
والثالثة: قوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا) (الإسراء: 71).
قال أبو جعفر الطبري في تأويل قوله:(وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) من الآية الأولى: «يعني بذلك جل ثناؤه: ولا يظلم الله هؤلاء الذين أخبر عنهم أنهم يزكون أنفسهم ولا غيرهم من خلقه، فيبخسهم في تركه تزكيتهم، وتزكية من ترك تزكيته، وفي تزكية من زكى من خلقه شيئاً من حقوقهم، ولا يضع شيئاً في غير موضعه، ولكنه يزكي من يشاء من خلقه، فيوفِّقه، ويخذل من يشاء من أهل معاصيه. كل ذلك إليه وبيده، وهو في كل ذلك غير ظالم أحداً ممن زكاه، أو لم يزكه فتيلا».
وأضاف الطبري قائلاً: «واختلف أهل التأويل في معنى «الفتيل»:
فقال بعضهم: «هو ما خرج من بين الإصبعين والكفين من الوسخ، إذا فتلتَ إحداهما بالأخرى».. وأناس يقولون: «الذي يكون في بَطن النواة». وذكر الطبري أن المعنى الأول مرويٌّ عن ابن عباس رضي الله عنه ما، وأبي مالك، والسدِّي. وأن المعنى الثاني مرويٌّ عن ابن عباس في أحد قوليه، وعن عطاء ابن أبي رباح، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، وعطية، ثم عقَّب على ذلك بقوله: «وأصل الفتيل: المفتول، صرف من مفعول إلى: فعيل ؛ كما قيل: صريع، ودهين، من مصروع، ومدهون».
وقال الفخر الرازي: «قوله: (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا) هو كقوله: (إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) (النساء: 40)، والمعنى: أن الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تلك التزكية حق جزائهم من غير ظلم، أو يكون المعنى: أن الذين زكاهم الله، فانه يثيبهم على طاعاتهم ولا ينقص من ثوابهم شيئاً. والفتيل: ما فتلتَ بين أصبعيك من الوسخ، فعيل بمعنى: مفعول. وعن ابن السكيت: الفتيل ما كان في شق النواة».
وقال في موضع آخر: «والفتيل: القشرة التي في شق النواة. وسمي بهذا الاسم ؛ لأنه إذا أراد الإنسان استخراجه، انفتل. وهذا يضرب مثلاً للشيء الحقير التافه ؛ ومثله: القطمير، والنقير، في ضرب المثل به. والمعنى: لا ينقصون من الثواب بمقدار فتيل، ونظيره قوله: (وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً) (مريم: 60)، (فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً) (طه: 112). وروى مجاهد عن ابن عباس أنه قال: الفتيل هو الوسخ الذي يظهر بفتل الإنسان إبهامه بسبابته، وهو فعيل من الفتل، بمعنى: مفتول».
وقال الشوكاني في فتح القدير: «قوله: وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا). أي: هؤلاء المزكون لأنفسهم (فَتِيلاً)، وهو: الخيط الذي في نواة التمر. وقيل: القشرة التي حول النواة. وقيل: هو ما يخرج بين أصبعيك أو كفيك من الوسخ، إذا فتلتهما، فهو: فتيل بمعنى مفتول. والمراد هنا: الكناية عن الشيء الحقير، ومثله: (وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (النساء: 124)، وهو: النكتة التي في ظهر النواة. والمعنى: أن هؤلاء الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تزكيتهم لأنفسهم بقدر هذا الذنب، ولا يظلمون بالزيادة على ما يستحقون».
وقال أبو حيان في البحر المحيط في معنى الفتيل: «هو كناية عن أحقر شيء. وإلى أنه الخيط الذي في شق النواة ذهب ابن عباس وعطاء ومجاهد إلى أنه ما يخرج من بين الأصابع أو الكفين بالفتل ذهب ابن عباس أيضاً وأبو مالك والسدي. وإلى أنه نفس الشق ذهب الحسن».
وقال الألوسي في روح المعاني: «ولا يظلمون في ذلك العقاب أدنى ظلم وأصغره، وهو المراد بالفتيل، وهو الخيط الذي في شق النواة. وكثيراً ما يضرب به المثل في القلة والحقارة ؛ كالنقير للنقرة التي في ظهرها، والقطمير، وهو قشرتها الرقيقة. وقيل: الفتيل ما خرج بين إصبعيك وكفيك من الوسخ، وروي ذلك عن ابن عباس، وأبي مالك، والسدِّي، رضي الله تعالى عنهم».
وقال ابن مَعين: كان أبو مُسْهِر ينشد:
ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له
مِنَ الله في دار المقام نَصيبُ
فإن تُعْجِبِ الدنيا رجَالاً فإنــها
مَتَاع قليل والزّوَال قريــبُ
النقيــــر
أما النقير فقد ورد ذكره في القرآن الكريم في آيتين:
الأولى: قوله تعالى: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) (النساء: 53).
والثانية: قوله تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (النساء: 124).
قال أبو جعفر الطبري في تأويل قوله: (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً)، من الآية الثانية: «أما قوله: (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً)، فإنه يعني: ولا يظلم الله هؤلاء الذين يعملون الصالحات من ثوابِ عملهم، مقدارَ النُّقرة التي تكون في ظهر النَّواة في القلة، فكيف بما هو أعظم من ذلك وأكثر؟ وإنما يخبر بذلك جل ثناؤه عبادَه أنه لا يبخَسهم من جزاء أعمالهم قليلا ولا كثيراً، ولكن يُوفِّيهم ذلك كما وعدهم». ثم ذكر في معنى (النقير) قولين:
أحدهما: النقير هو الذي يكون في ظهر النواة، وذكر أنه مرويٌّ عن مجاهد.
والثاني: النقير هو الذي يكون في وسط النواة، وذكر أنه مرويٌّ عن عطية.
واختار الزَّمخشريُّ القول الأول، فقال: «النقير: النقرة في ظهر النواة، وهو مثل في القلة كالفتيل، والقطمير». وقال أيضاً: «وفي كلام بعضهم: لا تقولنّ لشيء من سيئاتك حقير، فلعله عند الله نخلة، وهو عندك نقير».
وأما ابن الجوزي في زاد المسير فذكر في (النقير) أربعة أقوال:
أحدها: أنه النقطة التي في ظهر النواة، رواه ابن أبي طلحة، عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة، والضحاك، والسدي، وابن زيد، ومقاتل، والفرّاء، وابن قتيبة في آخرين.
والثاني: أنه القشر الذي يكون في وسط النواة، رواه التيمي، عن ابن عباس. وروي عن مجاهد: أنه الخيط الذي يكون في وسط النواة.
والثالث: أنه نقر الرجل الشيء بطرف إِبهامه، رواه أبو العالية، عن ابن عباس.
والرابع: أنه حبّة النواة التي في وسطها، رواه ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
وتبعه أبو حيان، فقال في البحر المحيط: «والنقير: النقطة في ظهر النواة، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعطاء، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، والسدي، ومقاتل، والفراء، وابن قتيبة في آخرين. وقيل: القشر يكون في وسط النواة، رواه التميمي عن ابن عباس. أو الخيط في وسط النواة، روي عن مجاهد. أو نقر الرجل الشيء بطرف إبهامه، رواه أبو العالية عن ابن عباس. أو حبة النواة التي في وسطها، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد».
القطميـــر
وأما القطمير فلم يرد ذكره في القرآن الكريم إلا في آية واحدة ؛ وهي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ) (فاطر: 13).
وذكر أبو جعفر الطبري في تأويل قوله تعالى: (مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ) أقوالاً أربعة:
الأول: ما يملكون قشر نواة. أو قشر نواة فما فوقها.
والثاني: ما يملكون هو جلد نواة، وهو الذي يكون على ظهر النواة.
والثالث: ما يملكون لفافة النواة ؛ كسحاة البيضة.
والرابع: ما يملكون القشرة التي على رأس النواة.
وذكر أن الأول والثاني مرويّان عن ابن عباس- رضي الله عنهما- والثالث مرويٌّ عن مجاهد. والرابع مرويٌّ عن قتادة.
وقال النيسابوري في تفسير الآية: «قوله: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ) ؛ وذلك أن المشركين كانوا معترفين بأن الأصنام ليسوا خالقين ؛ وإنما كانوا يقولون: إنه تعالى فوض أمور الأرضيات إلى الكواكب التي هذه الأصنام صورُها وطوالعُها، فأخبر الله تعالى أنهم لا يملكون قطميراً، وهو القشرة الرقيقة للنواة، فضلاً عما فوقها».
أما الشوكاني فقال: أي: «لا يقدرون عليه، ولا على خلقه. والقطمير: القشرة الرّقيقة التي تكون بين التمرة والنواة، وتصير على النواة ؛ كاللفافة لها». ثم ذ كر عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: «القطمير: القشر. وفي لفظ: الجلد الذي يكون على ظهر النواة».
ومثل قول الشوكاني هذا قال السيوطي في الدر المنثور، ثم قال: «وأخرج الطستيُّ، عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: (مِن قِطْمِيرٍ). قال: الجلدة البيضاء التي على النواة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم ! أما سمعت أمية بن أبي الصلت، وهو يقول:
لم أنل منهم بسطاً ولا زبداً...... ولا فوقة ولا قطميرا
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء، قال: القطمير الذي بين النواة والتمرة، القشر الأبيض... وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: (قِطْمِيرٍ)، قال: لفافة النواة ؛ كسحاة البصلة... وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله: (مِن قِطْمِيرٍ)، قال: رأس التمرة. يعني: القمع».
فروق دقيقة
أن هذه الألفاظ الثلاثة (الفتيل، والنقير، والقطمير) كلها متقاربة في المعنى، وبينها فروق دقيقة، ويستعمل كل واحد منها كناية عن الشيء القليل، وبها يضرب المثل للشيء التافه الحقير. حكى الرازي عن ابن السكيت أنه قال: «الفتيل ما كان في شق النواة، والنقير: النقطة التي في ظهر النواة. والقطمير: القشرة الرقيقة على النواة، وهذه الأشياء كلها تضرب أمثالا للشيء التافه الحقير». وقال الأزهريُّ: «الفتيل، والنقير، والقطمير، يضرب مثلاً للشيء التافه الحقير».
فينبغي للعاقل أن يفرغ نفسه للتفكر في طريق الخلاص من الهلكة، فيتحرى سبل النجاة من أفعال الخير، والتوبة والندم على الذنوب، والعزم على ترك العود إليها، والصبر على بلاء الله، والرضا بقضاء الله، والتسليم لأمره، والشكر لنعمائه، والخوف والرجاء له، والزهد في الدنيا، والإخلاص في العمل، والصدق في القول، والجد في الطاعات، ويفكر كل يوم في قلبه، فينظر إلى الذي يقرّبه من هذه الصفات الجميلة فيتحلى به، وإلى ما يباعد صفتها فيتجافى عنه، ورأس ذلك التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والتزود لسكنى القبور، والتأهب ليوم النشور.
ثم لينظر في آيات الوعد والوعيد، والتشديد الذي ورد والترغيب، فيتحقق عند نفسه ذلك، فيزداد خوفاً من الله ورغبة إليه، وإذا أراد أن يتبين له حال الشكر فلينظر في إحسان الله إليه، وإذا أراد أن يشتد خوفه فلينظر في ذنوبه ويتذكّرها، ثم ينظر في الموت وكربته، والقبر ووحشته، واللحد وضغطته، ومساءلة القبر ودهشته، ومنكر ونكير ونهرتهما، وفي هول النداء عند نفخة الصور، وهول المحشر، وجمع الخلائق في صعيد واحد، ليوم تشيب فيه الصغار، ويسكر الكبار، وتضع كل ذات حمل حملها، ثم في مناقشة الحساب على (الفتيل، والنقير، والقطمير، والذرة، والخردلة)، وكتاب الله الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فتبارك الله أحسن الخالقين
النقير
القمطير
من النقير يخرج الجنين
و من الجنين تكون النخلة
و من النخلة يأتي الثمر فتبارك الله احسن الخالقين
أرجو من الله ان تكونوا جميعا بخير ,وبعد فقد سرَّني ان اطلعت على موضوع ضرب الله به مثلا ألا وهو (النبات)وأخص به نواة التمرة فقلت ان انقله لكم كما هو راجيا من الله ان ينفعنا به وننفع به وهو من موقع ارض البيلسان :
الفتيل
القـــــرآن الكــــــريم هــــو كلام الله سبحانه وتعالى، المنزل عـــلى عبده ورسوله محمد - صــــلى اللــــه عليــــه وســـــلم - المتعـــبد بتلاوته.
المتحدي بأسلوبه... وهو ليس كغيره من الكتب السماوية التي سبقته في النزول، فقد جاء مصدقاً لها، ومهيمناً عليها، وقد تعهد الله تعالى بحفظه، وجعله المعجزة الخالدة والباقية الى أن تقوم الساعة، فتميز بذلك على كل المعجزات التي أيَّد بها رسله السابقين على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم، وقد تعددت أساليب الإعجاز وأشكاله في القرآن الكريم، والتي من بينها الاعجاز اللفظي... فقد جاء القرآن الكريم معجزاً في ألفاظه ومفرداته وتراكيبه اللغوية... فعلى الرغم من جزالة لفظه، وسهولة أسلوبه إلا أنه اعجز أهل اللغة والبلاغة والفصاحة على مر العصور أن ينالوا منه أو يصلوا الى منتهى معاني ألفاظه.
ومن الحقائق المؤكدة ان الإنسان لا يتأثر بالقرآن الكريم، ولن تلامس معانيه الجميلة قلبه، إلا إذا تعرف على مفرداته وفهم مراد الله تعالى منها... وهذا أحد أهم طرق التدبر والتفكر في القرآن الكريم الذي أمرنا الله تعالى به... ومن ثم تزداد معرفة بربنا جل وعلا، وفهماً لديننا وشريعتنا، ونزداد إيماناً بالله تعالى، وبقضائه وقدره، ونسلم له سبحانه وتعالى تسليماً مطلقاً في كل أمورنا.
ومن هنا ستكون وقفتنا اليوم مع الاعجاز اللفظي في القرآن الكريم من خلال تدبر بعض المفردات التي تشترك في المعنى والمراد بها، وإن كانت الفوارق من بينها دقيقة جداً في معناها، والأهم من هذا أن هذه المفردات، وهي (الفتيل - النفير - القطيمر) توجد ثلاثتها في النواة الموجودة بداخل التمرة...
وهذه النواة الصغيرة الحجم هي التي يخرج منها الجنين الذي ينمو فيصبح (النخلة) هذه الشجرة الطيبة ذات الثمار الطيب... فلنتعرف معاً على معنى هذه المفردات ومقصود الله تعالى من التعبير بها في كتابه العزيز.
في السطور التالية نعرض لبعض أراء المفسرين وأهل العلم حول معاني المفردات والألفاظ التي قصدنا الحديث عنها، ومراد الله تعالى من التعبير بها، وما يترتب على فهم معاني هذه الألفاظ من حقائق إيمانية.
الفتيل
ورد ذكر الفتيل في القرآن الكريم في ثلاث آيات:
الأولى: قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (النساء: 49).
والثانية: قوله تعالى: (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا) (النساء: 77).
والثالثة: قوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا) (الإسراء: 71).
قال أبو جعفر الطبري في تأويل قوله:(وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) من الآية الأولى: «يعني بذلك جل ثناؤه: ولا يظلم الله هؤلاء الذين أخبر عنهم أنهم يزكون أنفسهم ولا غيرهم من خلقه، فيبخسهم في تركه تزكيتهم، وتزكية من ترك تزكيته، وفي تزكية من زكى من خلقه شيئاً من حقوقهم، ولا يضع شيئاً في غير موضعه، ولكنه يزكي من يشاء من خلقه، فيوفِّقه، ويخذل من يشاء من أهل معاصيه. كل ذلك إليه وبيده، وهو في كل ذلك غير ظالم أحداً ممن زكاه، أو لم يزكه فتيلا».
وأضاف الطبري قائلاً: «واختلف أهل التأويل في معنى «الفتيل»:
فقال بعضهم: «هو ما خرج من بين الإصبعين والكفين من الوسخ، إذا فتلتَ إحداهما بالأخرى».. وأناس يقولون: «الذي يكون في بَطن النواة». وذكر الطبري أن المعنى الأول مرويٌّ عن ابن عباس رضي الله عنه ما، وأبي مالك، والسدِّي. وأن المعنى الثاني مرويٌّ عن ابن عباس في أحد قوليه، وعن عطاء ابن أبي رباح، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، وعطية، ثم عقَّب على ذلك بقوله: «وأصل الفتيل: المفتول، صرف من مفعول إلى: فعيل ؛ كما قيل: صريع، ودهين، من مصروع، ومدهون».
وقال الفخر الرازي: «قوله: (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا) هو كقوله: (إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) (النساء: 40)، والمعنى: أن الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تلك التزكية حق جزائهم من غير ظلم، أو يكون المعنى: أن الذين زكاهم الله، فانه يثيبهم على طاعاتهم ولا ينقص من ثوابهم شيئاً. والفتيل: ما فتلتَ بين أصبعيك من الوسخ، فعيل بمعنى: مفعول. وعن ابن السكيت: الفتيل ما كان في شق النواة».
وقال في موضع آخر: «والفتيل: القشرة التي في شق النواة. وسمي بهذا الاسم ؛ لأنه إذا أراد الإنسان استخراجه، انفتل. وهذا يضرب مثلاً للشيء الحقير التافه ؛ ومثله: القطمير، والنقير، في ضرب المثل به. والمعنى: لا ينقصون من الثواب بمقدار فتيل، ونظيره قوله: (وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً) (مريم: 60)، (فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً) (طه: 112). وروى مجاهد عن ابن عباس أنه قال: الفتيل هو الوسخ الذي يظهر بفتل الإنسان إبهامه بسبابته، وهو فعيل من الفتل، بمعنى: مفتول».
وقال الشوكاني في فتح القدير: «قوله: وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا). أي: هؤلاء المزكون لأنفسهم (فَتِيلاً)، وهو: الخيط الذي في نواة التمر. وقيل: القشرة التي حول النواة. وقيل: هو ما يخرج بين أصبعيك أو كفيك من الوسخ، إذا فتلتهما، فهو: فتيل بمعنى مفتول. والمراد هنا: الكناية عن الشيء الحقير، ومثله: (وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (النساء: 124)، وهو: النكتة التي في ظهر النواة. والمعنى: أن هؤلاء الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تزكيتهم لأنفسهم بقدر هذا الذنب، ولا يظلمون بالزيادة على ما يستحقون».
وقال أبو حيان في البحر المحيط في معنى الفتيل: «هو كناية عن أحقر شيء. وإلى أنه الخيط الذي في شق النواة ذهب ابن عباس وعطاء ومجاهد إلى أنه ما يخرج من بين الأصابع أو الكفين بالفتل ذهب ابن عباس أيضاً وأبو مالك والسدي. وإلى أنه نفس الشق ذهب الحسن».
وقال الألوسي في روح المعاني: «ولا يظلمون في ذلك العقاب أدنى ظلم وأصغره، وهو المراد بالفتيل، وهو الخيط الذي في شق النواة. وكثيراً ما يضرب به المثل في القلة والحقارة ؛ كالنقير للنقرة التي في ظهرها، والقطمير، وهو قشرتها الرقيقة. وقيل: الفتيل ما خرج بين إصبعيك وكفيك من الوسخ، وروي ذلك عن ابن عباس، وأبي مالك، والسدِّي، رضي الله تعالى عنهم».
وقال ابن مَعين: كان أبو مُسْهِر ينشد:
ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له
مِنَ الله في دار المقام نَصيبُ
فإن تُعْجِبِ الدنيا رجَالاً فإنــها
مَتَاع قليل والزّوَال قريــبُ
النقيــــر
أما النقير فقد ورد ذكره في القرآن الكريم في آيتين:
الأولى: قوله تعالى: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) (النساء: 53).
والثانية: قوله تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (النساء: 124).
قال أبو جعفر الطبري في تأويل قوله: (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً)، من الآية الثانية: «أما قوله: (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً)، فإنه يعني: ولا يظلم الله هؤلاء الذين يعملون الصالحات من ثوابِ عملهم، مقدارَ النُّقرة التي تكون في ظهر النَّواة في القلة، فكيف بما هو أعظم من ذلك وأكثر؟ وإنما يخبر بذلك جل ثناؤه عبادَه أنه لا يبخَسهم من جزاء أعمالهم قليلا ولا كثيراً، ولكن يُوفِّيهم ذلك كما وعدهم». ثم ذكر في معنى (النقير) قولين:
أحدهما: النقير هو الذي يكون في ظهر النواة، وذكر أنه مرويٌّ عن مجاهد.
والثاني: النقير هو الذي يكون في وسط النواة، وذكر أنه مرويٌّ عن عطية.
واختار الزَّمخشريُّ القول الأول، فقال: «النقير: النقرة في ظهر النواة، وهو مثل في القلة كالفتيل، والقطمير». وقال أيضاً: «وفي كلام بعضهم: لا تقولنّ لشيء من سيئاتك حقير، فلعله عند الله نخلة، وهو عندك نقير».
وأما ابن الجوزي في زاد المسير فذكر في (النقير) أربعة أقوال:
أحدها: أنه النقطة التي في ظهر النواة، رواه ابن أبي طلحة، عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة، والضحاك، والسدي، وابن زيد، ومقاتل، والفرّاء، وابن قتيبة في آخرين.
والثاني: أنه القشر الذي يكون في وسط النواة، رواه التيمي، عن ابن عباس. وروي عن مجاهد: أنه الخيط الذي يكون في وسط النواة.
والثالث: أنه نقر الرجل الشيء بطرف إِبهامه، رواه أبو العالية، عن ابن عباس.
والرابع: أنه حبّة النواة التي في وسطها، رواه ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
وتبعه أبو حيان، فقال في البحر المحيط: «والنقير: النقطة في ظهر النواة، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعطاء، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، والسدي، ومقاتل، والفراء، وابن قتيبة في آخرين. وقيل: القشر يكون في وسط النواة، رواه التميمي عن ابن عباس. أو الخيط في وسط النواة، روي عن مجاهد. أو نقر الرجل الشيء بطرف إبهامه، رواه أبو العالية عن ابن عباس. أو حبة النواة التي في وسطها، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد».
القطميـــر
وأما القطمير فلم يرد ذكره في القرآن الكريم إلا في آية واحدة ؛ وهي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ) (فاطر: 13).
وذكر أبو جعفر الطبري في تأويل قوله تعالى: (مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ) أقوالاً أربعة:
الأول: ما يملكون قشر نواة. أو قشر نواة فما فوقها.
والثاني: ما يملكون هو جلد نواة، وهو الذي يكون على ظهر النواة.
والثالث: ما يملكون لفافة النواة ؛ كسحاة البيضة.
والرابع: ما يملكون القشرة التي على رأس النواة.
وذكر أن الأول والثاني مرويّان عن ابن عباس- رضي الله عنهما- والثالث مرويٌّ عن مجاهد. والرابع مرويٌّ عن قتادة.
وقال النيسابوري في تفسير الآية: «قوله: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ) ؛ وذلك أن المشركين كانوا معترفين بأن الأصنام ليسوا خالقين ؛ وإنما كانوا يقولون: إنه تعالى فوض أمور الأرضيات إلى الكواكب التي هذه الأصنام صورُها وطوالعُها، فأخبر الله تعالى أنهم لا يملكون قطميراً، وهو القشرة الرقيقة للنواة، فضلاً عما فوقها».
أما الشوكاني فقال: أي: «لا يقدرون عليه، ولا على خلقه. والقطمير: القشرة الرّقيقة التي تكون بين التمرة والنواة، وتصير على النواة ؛ كاللفافة لها». ثم ذ كر عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: «القطمير: القشر. وفي لفظ: الجلد الذي يكون على ظهر النواة».
ومثل قول الشوكاني هذا قال السيوطي في الدر المنثور، ثم قال: «وأخرج الطستيُّ، عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: (مِن قِطْمِيرٍ). قال: الجلدة البيضاء التي على النواة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم ! أما سمعت أمية بن أبي الصلت، وهو يقول:
لم أنل منهم بسطاً ولا زبداً...... ولا فوقة ولا قطميرا
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء، قال: القطمير الذي بين النواة والتمرة، القشر الأبيض... وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: (قِطْمِيرٍ)، قال: لفافة النواة ؛ كسحاة البصلة... وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله: (مِن قِطْمِيرٍ)، قال: رأس التمرة. يعني: القمع».
فروق دقيقة
أن هذه الألفاظ الثلاثة (الفتيل، والنقير، والقطمير) كلها متقاربة في المعنى، وبينها فروق دقيقة، ويستعمل كل واحد منها كناية عن الشيء القليل، وبها يضرب المثل للشيء التافه الحقير. حكى الرازي عن ابن السكيت أنه قال: «الفتيل ما كان في شق النواة، والنقير: النقطة التي في ظهر النواة. والقطمير: القشرة الرقيقة على النواة، وهذه الأشياء كلها تضرب أمثالا للشيء التافه الحقير». وقال الأزهريُّ: «الفتيل، والنقير، والقطمير، يضرب مثلاً للشيء التافه الحقير».
فينبغي للعاقل أن يفرغ نفسه للتفكر في طريق الخلاص من الهلكة، فيتحرى سبل النجاة من أفعال الخير، والتوبة والندم على الذنوب، والعزم على ترك العود إليها، والصبر على بلاء الله، والرضا بقضاء الله، والتسليم لأمره، والشكر لنعمائه، والخوف والرجاء له، والزهد في الدنيا، والإخلاص في العمل، والصدق في القول، والجد في الطاعات، ويفكر كل يوم في قلبه، فينظر إلى الذي يقرّبه من هذه الصفات الجميلة فيتحلى به، وإلى ما يباعد صفتها فيتجافى عنه، ورأس ذلك التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والتزود لسكنى القبور، والتأهب ليوم النشور.
ثم لينظر في آيات الوعد والوعيد، والتشديد الذي ورد والترغيب، فيتحقق عند نفسه ذلك، فيزداد خوفاً من الله ورغبة إليه، وإذا أراد أن يتبين له حال الشكر فلينظر في إحسان الله إليه، وإذا أراد أن يشتد خوفه فلينظر في ذنوبه ويتذكّرها، ثم ينظر في الموت وكربته، والقبر ووحشته، واللحد وضغطته، ومساءلة القبر ودهشته، ومنكر ونكير ونهرتهما، وفي هول النداء عند نفخة الصور، وهول المحشر، وجمع الخلائق في صعيد واحد، ليوم تشيب فيه الصغار، ويسكر الكبار، وتضع كل ذات حمل حملها، ثم في مناقشة الحساب على (الفتيل، والنقير، والقطمير، والذرة، والخردلة)، وكتاب الله الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فتبارك الله أحسن الخالقين
النقير
القمطير
من النقير يخرج الجنين
و من الجنين تكون النخلة
و من النخلة يأتي الثمر فتبارك الله احسن الخالقين