استفاقت هذا الصباح على صوت يشبه صوت وقع قطرات المطر على حافة الشرفة.
يا الهي هل من المعقول ان تمطر في آب وبهذه الغزارة ايضا؟
نطت بخفة من فراشها وا تجهت صوب الشرفة وازاحت الستائر البنفسجية الهفهافة لتجد فعلا انها تمطر
اجل انها تمطر في آب
ظلت للحظات تتامل الامطار المنهمرة وهي تغسل الشارع الطويل الذي كان خاليا من الحركة في هذه الساعة المبكرة من اليوم
احست بنشوة وسعادة تغمرها حتى البنان وهي تستنشق الرائحة الزكية المنبعثة من تراب الحديقة المحيطة بالبيت
واحست ان اليوم سيكون بكل تاكيد مختلفا
اجل , انه يوم جميل لا محالة تلوح تباشيره مع هذه الغيوم الممطرة التي تملأ السماء
نطت بخفة من فراشها وا تجهت صوب الشرفة وازاحت الستائر البنفسجية الهفهافة لتجد فعلا انها تمطر
اجل انها تمطر في آب
ظلت للحظات تتامل الامطار المنهمرة وهي تغسل الشارع الطويل الذي كان خاليا من الحركة في هذه الساعة المبكرة من اليوم
احست بنشوة وسعادة تغمرها حتى البنان وهي تستنشق الرائحة الزكية المنبعثة من تراب الحديقة المحيطة بالبيت
واحست ان اليوم سيكون بكل تاكيد مختلفا
اجل , انه يوم جميل لا محالة تلوح تباشيره مع هذه الغيوم الممطرة التي تملأ السماء
لكن سعادتها ما لبثت انتطايرت بخارا في الهواء حينما تذكرت موعد اليوم مع صفوان خطيبها الذي ستزف اليه بعد بضعة اسابيع
منذ مدة وهي تترجاه ان يصطحبها ذات صباح باكر لتناول الافطار في المقهى الذي تحبه والمطل على البحر
وهاهو بعد ان وافق اخيرا يصبح الجو ماطرا
وصفوان لا يحب نزهات المطر يقول عنها انها جنون وتصابي
اتراه سيعدل عن النزهة؟
همت للحظة بان تمسك سماعة الهاتف وتطلبه
لكنها سرعان ما تراجعت عن الفكرة وقالت : لا. ان اليوم احسه سيكون يوما جميلا بكل ما فيه يوما مختلفا
لن يعدل عن النزهة سياتي حتما
وبسرعة البرق تجهزت للخروج وحملت حقيبتها واستقلت سيارة اجرة نحو المقهى الموعود
نسمات الصباح كانت لاتزال باردة حانية لطيفة والمطر اصبح رذاذا خفيفا تتلاعب به الرياح يمنة ويسرة
المتاجر اغلبها ما زال مقفلا وحركة السير بالمدينة خفيفة حتى ان السيارة كانت كمن تمشي على ايقاع الموسيقى الحالمة المنبعثة من الراديو
هل تراه سياتي؟
شئ ما بداخلها كان يقول انه لا محالة آتيا ولن يخلف الموعد بسبب المطر فقط ولن يرمي توسلاتها وراء ظهره بكل هذه البساطة
ومن يدري؟
بل ربما يكون قد سبقها الى هناك على غير عادته في الوصول متاخرا
ناولت السائق اجرة المشوار ويممت بخطوات سريعة شطر المقهى الذي كان يبدو خاليا الا من بعض العاملين فيه
_ الحمد لله مكاني المفضل قرب الواجهة الزجاجية لا يزال شاغرا
وصفوان لم يات بعد لكنه سياتي اكاد اقسم انه سياتي
كان منظر الرذاذ المتراقص في الهواء مع اشعة الشمس الخجولة التي تضفي عليه لمعانا وبريقا كبريق الماس منظر لم يكن ليمحى من ذاكرتها للابد
يسبحان الله على هذا الجمال المبهر كأنما ريشة فنان بارع تركت مسحاتها فوق المكان كله
تراءى لها في قلب البحر زورق خشبي صغير تتجاذبه الامواج
يبدو و كانه دون صاحب . هل يعقل ذلك؟
اجل . كان الزورق دون صاحب وكانت الامواج الصاخبة تتبادله ذات اليمين وذات الشمال
ولم تدر لماذا احست للحظة انها هي ذلك الزورق الابيض الصغير
فانتابتها رعشة قوية جعلتها تستفيق من تاملاتها وتنظر الى الساعة بقلق
لا . لم يتاخر الوقت كثيرا بعد ما زال هناك امل في قدومه
وانتبهت فجاة الى ان هناك في زاوية من زوايا المقهى عيون تتطلع اليها بالحاح وجراة كبيرين
كان صاحب العيون المتطفلة يمسك صحيفة بين يديه لكن عيناه لم تكونا ابدا في الصحيفة انما كانت لا تفارقها
همت للحظة بان تغير الكرسي وتدير ظهرها لعيونه
لكنها فجاة تيقظ لديها كل الخبث الانثوي وقالت :
لا . لن ابرح مكاني حتى ياتي صفوان وساطلب منه حينها ان نتبادل الامكنه لان هناك من يزعجني بنظراته
وهو حتما هذه المرة سيشعر بالغيرة ...
حين اتى النادل ليسالها ماذا تاخذ اعتذرت وقالت : ليس الآن بعد قليل
ثم عادت الى مناجاة البحر الذي هدات امواجه الغضبى واصبحت وديعة حانية
والزورق؟؟؟؟؟؟
اين هو الزورق؟ لقد اختفى عن ناظريها دون ان تنتبه لذلك
اين ذهبت به الامواج يا ترى؟ ماذا فعلت به؟
واحست ببعض الحزن غير المفهوم بسبب اختفاء الزورق الابيض الصغير
ليتني ظللت ارقبه . دائما ما تضيع مني هكذا بسرعة الاشياء التي احبها واحس ان فيها شيئا مني شيئا يشبهني
احست بالهدوء الذي كان يلف المقهى بدا يغيب في اصوات وضحكات متصاعدة من هنا وهناك
كان المقهى قد بدا يزدحم بالزوار مما يعني انه قد مر وقت طويل لم تع هي له بتاتا الا حين القت نظرة على معصمها لتجد انه قد مر اكثر من ساعة ونصف
احست ببرودة غريبة تسري في اطرافها رغم ان الجو لم يكن باردا ابدا
انه آب
لم يات صفوان ولم تصدق تباشير الصباح المحمل بالندى والامطار ولم يكن اليوم لا مختلفا ولا جميلا
حملت حقيبتها واسرعت تغادر المقهى دون حتى ان تطلب فنجان قهوة
ودونما تفكير وجدت نفسها تخلع حذاءها وتتوجه نحو الشاطئ لتقترب من البحر اكثر واكثر علها تجد لديه العزاء والسلوى
كانت الرمال لا تزال باردة نوعا ما حتى انها احست بنفسها ترتجف بشدة بشدة ودموعها تابى ان تنزل وتغسل حزنها
وتراءى لها على مقربة منها زورق ابيض يشبه ذلك الزورق الخشبي الصغير الذي كان قبل قليل في وسط البحر
لكن هذا الذي امامها الآن لم يكن زورقا صغيرا
هذا زورق كبير متين ولكنه كانه هو
امعقول ان يكون هو؟ نفس اللون الابيض الناصع ونفس الشكل بالتمام
اتراني لم ابصر جيدا ام ان البحر يجعل كل ما فيه يبدو حقيرا صغيرا؟
انه هو لا محالة وها هو صاحبه يستخرج منه الشباك التي تبدو خاوية الوفاض
الم يكن الزورق بلا صاحب قبل قليل؟
اتجهت نحوه وسالته بخجل: هل الزورق لك سيدي؟
اجاب ببعض الاستغراب : اجل انه لي . انه لي منذ عشرات السنين لم افارقه قط ولم يفارقني
ايعجبك الى هذا الحد؟
قالت وهي تتحسس حوافه المبللة : انما سؤالي لاني كانما لمحته قبل قليل وسط البحر دون صاحب
ضحك الرجل صاحب الزورق ملء شدقيه وقال : هذا لانه افلت من الحبال التي اشدها به ولم يكن وسط البحر كما تهيا لك يا ابنتي
انه لم يبتعد ابدا بل كان على مقربة من الشاطئ
وحتى وان ابتعد فمرده لي . اين عساه يذهب عني بعد هذه الرفقة الطويلة؟
ابتسمت لكلمات صاحب الزورق وعادت ادراجها وكانها احست ببعض الانتعاش والارتياح لهذه الكلمات
كيف يستطيع الحب ان يفعل كل هذا؟ كيف يجعل من تحبه قريبا منك مهما خلته قد ابتعد عنك؟
يظل هناك دائما حبل مهما كان رفيعا يصلك به ويقربك منه ليس لشئ الا لانك تحبه فقط
عاد الى صدري الكئيب وقد
القى المراسي فليس يرتحل
عاد وقد مزق الشراع كما
مزق لذات عمري الملل
_______________________
سلاف فواخرجي
2003
منذ مدة وهي تترجاه ان يصطحبها ذات صباح باكر لتناول الافطار في المقهى الذي تحبه والمطل على البحر
وهاهو بعد ان وافق اخيرا يصبح الجو ماطرا
وصفوان لا يحب نزهات المطر يقول عنها انها جنون وتصابي
اتراه سيعدل عن النزهة؟
همت للحظة بان تمسك سماعة الهاتف وتطلبه
لكنها سرعان ما تراجعت عن الفكرة وقالت : لا. ان اليوم احسه سيكون يوما جميلا بكل ما فيه يوما مختلفا
لن يعدل عن النزهة سياتي حتما
وبسرعة البرق تجهزت للخروج وحملت حقيبتها واستقلت سيارة اجرة نحو المقهى الموعود
نسمات الصباح كانت لاتزال باردة حانية لطيفة والمطر اصبح رذاذا خفيفا تتلاعب به الرياح يمنة ويسرة
المتاجر اغلبها ما زال مقفلا وحركة السير بالمدينة خفيفة حتى ان السيارة كانت كمن تمشي على ايقاع الموسيقى الحالمة المنبعثة من الراديو
هل تراه سياتي؟
شئ ما بداخلها كان يقول انه لا محالة آتيا ولن يخلف الموعد بسبب المطر فقط ولن يرمي توسلاتها وراء ظهره بكل هذه البساطة
ومن يدري؟
بل ربما يكون قد سبقها الى هناك على غير عادته في الوصول متاخرا
ناولت السائق اجرة المشوار ويممت بخطوات سريعة شطر المقهى الذي كان يبدو خاليا الا من بعض العاملين فيه
_ الحمد لله مكاني المفضل قرب الواجهة الزجاجية لا يزال شاغرا
وصفوان لم يات بعد لكنه سياتي اكاد اقسم انه سياتي
كان منظر الرذاذ المتراقص في الهواء مع اشعة الشمس الخجولة التي تضفي عليه لمعانا وبريقا كبريق الماس منظر لم يكن ليمحى من ذاكرتها للابد
يسبحان الله على هذا الجمال المبهر كأنما ريشة فنان بارع تركت مسحاتها فوق المكان كله
تراءى لها في قلب البحر زورق خشبي صغير تتجاذبه الامواج
يبدو و كانه دون صاحب . هل يعقل ذلك؟
اجل . كان الزورق دون صاحب وكانت الامواج الصاخبة تتبادله ذات اليمين وذات الشمال
ولم تدر لماذا احست للحظة انها هي ذلك الزورق الابيض الصغير
فانتابتها رعشة قوية جعلتها تستفيق من تاملاتها وتنظر الى الساعة بقلق
لا . لم يتاخر الوقت كثيرا بعد ما زال هناك امل في قدومه
وانتبهت فجاة الى ان هناك في زاوية من زوايا المقهى عيون تتطلع اليها بالحاح وجراة كبيرين
كان صاحب العيون المتطفلة يمسك صحيفة بين يديه لكن عيناه لم تكونا ابدا في الصحيفة انما كانت لا تفارقها
همت للحظة بان تغير الكرسي وتدير ظهرها لعيونه
لكنها فجاة تيقظ لديها كل الخبث الانثوي وقالت :
لا . لن ابرح مكاني حتى ياتي صفوان وساطلب منه حينها ان نتبادل الامكنه لان هناك من يزعجني بنظراته
وهو حتما هذه المرة سيشعر بالغيرة ...
حين اتى النادل ليسالها ماذا تاخذ اعتذرت وقالت : ليس الآن بعد قليل
ثم عادت الى مناجاة البحر الذي هدات امواجه الغضبى واصبحت وديعة حانية
والزورق؟؟؟؟؟؟
اين هو الزورق؟ لقد اختفى عن ناظريها دون ان تنتبه لذلك
اين ذهبت به الامواج يا ترى؟ ماذا فعلت به؟
واحست ببعض الحزن غير المفهوم بسبب اختفاء الزورق الابيض الصغير
ليتني ظللت ارقبه . دائما ما تضيع مني هكذا بسرعة الاشياء التي احبها واحس ان فيها شيئا مني شيئا يشبهني
احست بالهدوء الذي كان يلف المقهى بدا يغيب في اصوات وضحكات متصاعدة من هنا وهناك
كان المقهى قد بدا يزدحم بالزوار مما يعني انه قد مر وقت طويل لم تع هي له بتاتا الا حين القت نظرة على معصمها لتجد انه قد مر اكثر من ساعة ونصف
احست ببرودة غريبة تسري في اطرافها رغم ان الجو لم يكن باردا ابدا
انه آب
لم يات صفوان ولم تصدق تباشير الصباح المحمل بالندى والامطار ولم يكن اليوم لا مختلفا ولا جميلا
حملت حقيبتها واسرعت تغادر المقهى دون حتى ان تطلب فنجان قهوة
ودونما تفكير وجدت نفسها تخلع حذاءها وتتوجه نحو الشاطئ لتقترب من البحر اكثر واكثر علها تجد لديه العزاء والسلوى
كانت الرمال لا تزال باردة نوعا ما حتى انها احست بنفسها ترتجف بشدة بشدة ودموعها تابى ان تنزل وتغسل حزنها
وتراءى لها على مقربة منها زورق ابيض يشبه ذلك الزورق الخشبي الصغير الذي كان قبل قليل في وسط البحر
لكن هذا الذي امامها الآن لم يكن زورقا صغيرا
هذا زورق كبير متين ولكنه كانه هو
امعقول ان يكون هو؟ نفس اللون الابيض الناصع ونفس الشكل بالتمام
اتراني لم ابصر جيدا ام ان البحر يجعل كل ما فيه يبدو حقيرا صغيرا؟
انه هو لا محالة وها هو صاحبه يستخرج منه الشباك التي تبدو خاوية الوفاض
الم يكن الزورق بلا صاحب قبل قليل؟
اتجهت نحوه وسالته بخجل: هل الزورق لك سيدي؟
اجاب ببعض الاستغراب : اجل انه لي . انه لي منذ عشرات السنين لم افارقه قط ولم يفارقني
ايعجبك الى هذا الحد؟
قالت وهي تتحسس حوافه المبللة : انما سؤالي لاني كانما لمحته قبل قليل وسط البحر دون صاحب
ضحك الرجل صاحب الزورق ملء شدقيه وقال : هذا لانه افلت من الحبال التي اشدها به ولم يكن وسط البحر كما تهيا لك يا ابنتي
انه لم يبتعد ابدا بل كان على مقربة من الشاطئ
وحتى وان ابتعد فمرده لي . اين عساه يذهب عني بعد هذه الرفقة الطويلة؟
ابتسمت لكلمات صاحب الزورق وعادت ادراجها وكانها احست ببعض الانتعاش والارتياح لهذه الكلمات
كيف يستطيع الحب ان يفعل كل هذا؟ كيف يجعل من تحبه قريبا منك مهما خلته قد ابتعد عنك؟
يظل هناك دائما حبل مهما كان رفيعا يصلك به ويقربك منه ليس لشئ الا لانك تحبه فقط
عاد الى صدري الكئيب وقد
القى المراسي فليس يرتحل
عاد وقد مزق الشراع كما
مزق لذات عمري الملل
_______________________
سلاف فواخرجي
2003
تعليق