بسم الله الرحمان الرحيم
قال عز وجل في محكم كتابه : ( انا عرضنا الأمانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا )
لقد اختص الله عز وجل الانسان دون باقي المخلوقات بوظيفة الخلافة في الارض وشرفه بها وحمله مسؤولية ادارتها واوكل اليه اعمارها واستغلال اشياء الكون بما ينفع الناس
الا ان هذا الانسان كما يبين القرآن كان ظلوما جهولا , وما فتئ مع تقدم مظاهر التطور العمراني والحضاري يفرط في هذه الامانة التي ائتمنه الخالق عليها
ونتج عن ذلك اختلال في الانظمة التي تسير بها العديد من عناصر الكون سواء كانت مخلوقات حية او جامدة
و اصبحنا نقرأ بين الفينة والاخرى عن نوع جديد من انواع التلوث البيئي التي لا يصدقها العقل احيانا ولا يكاد يستوعبها لاول وهلة
من بين انواع التلوث التي سطرها علماء البيئة ما اصطلحوا عليه بالتلوث الضوئي
و قد عرف في بداية الثمانينيات من هذا القرن على يد منظمة امريكية للبحوث البيئية dark sky
سنة 1988
فقد بينت هذه المنظمة ان الاضاءة المنبعثة من سطح الارض والتي تنعكس في السماء قد تسببت في العديد من الآثار السلبية على الانسان نفسه اولا وعلى الطبيعة ايضا
بالنسبة للانسان فحسبما جاء في دراسة تقدم بها فريق باحثين من جامعة تورنتو بكندا ان التعرض لاشعة الاضاءة الكهربائية يوميا لمدة سبع ساعات يمكن ان يتسبب في نشاط الخلايا السرطانية بجسم الانسان
وذلك بسبب تسبب اشعة الانارة الكهربائية في الحد من عمل احدى الغدد بالدماغ البشري المسؤولة عن افراز هرمون الميلاتونين وهو الهرمون المسؤول عن وقف نشاط الخلايا السرطانية بالجسم وكذا مقاومة الشيخوخة و توازن ضغط الدم . . .
الا ان هذه الدراسات حسبما قرات في احد المواقع تظل غير مؤكدة مئة بالمئة
اما بالنسبة للتاثير على الطبيعة فقد بين العلماء ان شدة الاضاءة المنبعثة من سطح الارض خصوصا في المناطق الحضرية الكبرى والدول المتقدمة قد اثرت على مدى وهج النجوم وشدة اضاءتها بحيث لم يعد بالامكان رؤيتها بالعين المجردة
في الولايات المتحدة وكندا مثلا , 95 بالمئة من النجوم التي كانت ترى بالعين المجردة لم يعد بالامكان رؤيتها
وهذا له انعكاس مباشر على الطيور المهاجرة التي تتخذ من النجوم دليلا لها والتي اصبحت تتوه عن مسارها في الكثير من الاحيان كما حدث في كندا حين ارتطمت المئات من اعداد الطيور المهاجرة باحدى واجهات المباني العالية وتسبب ذلك في هلاكها جميعها
ناهيك عن تاثير كبير على العديد من انواع الحشرات الضوئية مما تسبب في اختلال السلسلة الغذائية الطبيعية
هذا ما جعل بعض الجمعيات الصديقة للبيئة في العالم الغربي تنادي بوضع قانون ضد التلوث الضوئي
كما اعتبرته اليونيسكو سنة1992 حقا يندرج ضمن البيان العالمي لحقوق الاجيال المستقبلية وهو حق المحافظة على نقاء السماء ووهجها الطبيعي
ووضعت هذه الجمعيات الصديقة للبيئة مجموعة من التدابير الوقائية التي اذا اخذنا بها يمكن ان نحد من الاضرار الناجمة عن التلوث الضوئي من بينها
_ اقتناء مصادر الاضاءة المزودة بعاكس للاشعة الضوئية يكون مصوبا نحو الاسفل
_تجنب الارضيات العاكسة للاضاءة
_تجنب الانارة القوية ما امكن . . .
واخيرا اقول
اليس هذا له ايضا تاثير على الجانب النفسي عند الانسان الذي كان يجد في مناجاة النجوم المتلالأة في السماء مصدرا للسلوى و للشكوى و بث الهموم
حين كان شعراؤنا يتوجهون الى السماء ليلا ويشدون بجمالها وبتلألأ النجوم وكانها الدر المنثور
بماذا سيشدو شعراء الاجيال القادمة اذا ما انطفأ وهج السماء وخفت بريق النجوم ؟
من سينظم قصيدة تغازل ألق النجوم كما فعل ابن زمرك الاندلسي قائلا :
وكان النجوم في غسق الليل جمان يلوح في ابنوس
وكأن الصباح في الافق يجلي بحلى النجوم مثل العروس
او كما تغنى فاروق جويدة في قصيدة : انا والليل والشعر :
واين النجوم تناجيك عشقا وتسكب في راحتيك الحنين
واين النسيم وقد هام شوقا بعطر من الهمس لا يستكين . . .
وغيرهم كثر في اروع واجمل القصائد التي يزخر بها التراث العربي والعالمي
اليس هذا كله مما اقترفته يد الانسان الظلوم الجهول ؟
فكيف السبيل اذن الى اصلاح كل هذا وهل يمكن للانسان حقا ان يستغني عما صنعه في سنين طويلة من رقي وتقدم حضاري وتكنولوجي من اجل الحفاظ على الطبيعة التي فاضا هو وهي من قدرة واحدة وارادة واحدة
الامر ليس بهذه السهولة كما تنادي هذه الجمعيات التي تسمي نفسها بصديقة البيئة
ولا حتى التدابير الوقائية التي يملونها عليها كفيلة بأن تحد من المخاطر المحدقة بالطبيعة التي هي نتيجة جهل الانسان وانانيته
ان الله عز وجل خلق كل شئ بحكمة وقدر وحين خلق الانسان لتحمل هذه المسؤولية الكبرى لم يتركه وحيدا ولا هملا كما تدعي بعض المذاهب والفلسفات
انما وضع له حدود ومنهاج سعيه في الارض عليه ان يسير وفقه حتى لا يختل التوازن الذي اراده الله ان يسود في الارض
ما يحدث ببساطة هو اختلال في هذا الميزان ( الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )
واستقامة الميزان من جديد هي بالتمسك باصول وقواعد هذا الميزان والحفاظ عليها
مع تحياتي
سلاف فواخرجي
قال عز وجل في محكم كتابه : ( انا عرضنا الأمانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا )
لقد اختص الله عز وجل الانسان دون باقي المخلوقات بوظيفة الخلافة في الارض وشرفه بها وحمله مسؤولية ادارتها واوكل اليه اعمارها واستغلال اشياء الكون بما ينفع الناس
الا ان هذا الانسان كما يبين القرآن كان ظلوما جهولا , وما فتئ مع تقدم مظاهر التطور العمراني والحضاري يفرط في هذه الامانة التي ائتمنه الخالق عليها
ونتج عن ذلك اختلال في الانظمة التي تسير بها العديد من عناصر الكون سواء كانت مخلوقات حية او جامدة
و اصبحنا نقرأ بين الفينة والاخرى عن نوع جديد من انواع التلوث البيئي التي لا يصدقها العقل احيانا ولا يكاد يستوعبها لاول وهلة
من بين انواع التلوث التي سطرها علماء البيئة ما اصطلحوا عليه بالتلوث الضوئي
و قد عرف في بداية الثمانينيات من هذا القرن على يد منظمة امريكية للبحوث البيئية dark sky
سنة 1988
فقد بينت هذه المنظمة ان الاضاءة المنبعثة من سطح الارض والتي تنعكس في السماء قد تسببت في العديد من الآثار السلبية على الانسان نفسه اولا وعلى الطبيعة ايضا
بالنسبة للانسان فحسبما جاء في دراسة تقدم بها فريق باحثين من جامعة تورنتو بكندا ان التعرض لاشعة الاضاءة الكهربائية يوميا لمدة سبع ساعات يمكن ان يتسبب في نشاط الخلايا السرطانية بجسم الانسان
وذلك بسبب تسبب اشعة الانارة الكهربائية في الحد من عمل احدى الغدد بالدماغ البشري المسؤولة عن افراز هرمون الميلاتونين وهو الهرمون المسؤول عن وقف نشاط الخلايا السرطانية بالجسم وكذا مقاومة الشيخوخة و توازن ضغط الدم . . .
الا ان هذه الدراسات حسبما قرات في احد المواقع تظل غير مؤكدة مئة بالمئة
اما بالنسبة للتاثير على الطبيعة فقد بين العلماء ان شدة الاضاءة المنبعثة من سطح الارض خصوصا في المناطق الحضرية الكبرى والدول المتقدمة قد اثرت على مدى وهج النجوم وشدة اضاءتها بحيث لم يعد بالامكان رؤيتها بالعين المجردة
في الولايات المتحدة وكندا مثلا , 95 بالمئة من النجوم التي كانت ترى بالعين المجردة لم يعد بالامكان رؤيتها
وهذا له انعكاس مباشر على الطيور المهاجرة التي تتخذ من النجوم دليلا لها والتي اصبحت تتوه عن مسارها في الكثير من الاحيان كما حدث في كندا حين ارتطمت المئات من اعداد الطيور المهاجرة باحدى واجهات المباني العالية وتسبب ذلك في هلاكها جميعها
ناهيك عن تاثير كبير على العديد من انواع الحشرات الضوئية مما تسبب في اختلال السلسلة الغذائية الطبيعية
هذا ما جعل بعض الجمعيات الصديقة للبيئة في العالم الغربي تنادي بوضع قانون ضد التلوث الضوئي
كما اعتبرته اليونيسكو سنة1992 حقا يندرج ضمن البيان العالمي لحقوق الاجيال المستقبلية وهو حق المحافظة على نقاء السماء ووهجها الطبيعي
ووضعت هذه الجمعيات الصديقة للبيئة مجموعة من التدابير الوقائية التي اذا اخذنا بها يمكن ان نحد من الاضرار الناجمة عن التلوث الضوئي من بينها
_ اقتناء مصادر الاضاءة المزودة بعاكس للاشعة الضوئية يكون مصوبا نحو الاسفل
_تجنب الارضيات العاكسة للاضاءة
_تجنب الانارة القوية ما امكن . . .
واخيرا اقول
اليس هذا له ايضا تاثير على الجانب النفسي عند الانسان الذي كان يجد في مناجاة النجوم المتلالأة في السماء مصدرا للسلوى و للشكوى و بث الهموم
حين كان شعراؤنا يتوجهون الى السماء ليلا ويشدون بجمالها وبتلألأ النجوم وكانها الدر المنثور
بماذا سيشدو شعراء الاجيال القادمة اذا ما انطفأ وهج السماء وخفت بريق النجوم ؟
من سينظم قصيدة تغازل ألق النجوم كما فعل ابن زمرك الاندلسي قائلا :
وكان النجوم في غسق الليل جمان يلوح في ابنوس
وكأن الصباح في الافق يجلي بحلى النجوم مثل العروس
او كما تغنى فاروق جويدة في قصيدة : انا والليل والشعر :
واين النجوم تناجيك عشقا وتسكب في راحتيك الحنين
واين النسيم وقد هام شوقا بعطر من الهمس لا يستكين . . .
وغيرهم كثر في اروع واجمل القصائد التي يزخر بها التراث العربي والعالمي
اليس هذا كله مما اقترفته يد الانسان الظلوم الجهول ؟
فكيف السبيل اذن الى اصلاح كل هذا وهل يمكن للانسان حقا ان يستغني عما صنعه في سنين طويلة من رقي وتقدم حضاري وتكنولوجي من اجل الحفاظ على الطبيعة التي فاضا هو وهي من قدرة واحدة وارادة واحدة
الامر ليس بهذه السهولة كما تنادي هذه الجمعيات التي تسمي نفسها بصديقة البيئة
ولا حتى التدابير الوقائية التي يملونها عليها كفيلة بأن تحد من المخاطر المحدقة بالطبيعة التي هي نتيجة جهل الانسان وانانيته
ان الله عز وجل خلق كل شئ بحكمة وقدر وحين خلق الانسان لتحمل هذه المسؤولية الكبرى لم يتركه وحيدا ولا هملا كما تدعي بعض المذاهب والفلسفات
انما وضع له حدود ومنهاج سعيه في الارض عليه ان يسير وفقه حتى لا يختل التوازن الذي اراده الله ان يسود في الارض
ما يحدث ببساطة هو اختلال في هذا الميزان ( الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )
واستقامة الميزان من جديد هي بالتمسك باصول وقواعد هذا الميزان والحفاظ عليها
مع تحياتي
سلاف فواخرجي
تعليق