لقد اختص الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بخصائص لم يعطها أحد غيره من
النبيئين والمرسلين .
ومعرفة هذه الخصائص تزيدنا محبة فيه وتبجيلا وتعظيما لمكانته بين الانبياء والرسل وايمانا بخاتمية رسالته .
* فلقد كان صلوات الله عليه وسلامه نبيا ، و آدم بين الروح والجسد .
* وأنزل عليه ربه جل جلاله القرآن العظيم الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
فكل الكتب السماوية التي انزلت على الانبياء والمرسلين من قبله، كصحف ابراهيم وزابور داود وتوراة موسى وانجيل عيسى عليهم السلام اجمعين ، قد حدث فيها التحريف ثم نسخت بالقرآن الكريم الذي حفظه الله عز وجل من التبديل والتحريف : انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون
* واختص سبحانه نبيه بأن صلى عليه هو ملائكته وأمرنا بالصلاة والتسليم عليه .
*وخاطب الله النبيئين والمرسلين من قبله بأسمائهم بنحو : يا آدم ، يا نوح ، يا ابراهيم ، يا موسى ، يا عيسى . . .
وخاطبه ربه بقوله : يا ايها النبي ، يا ايها الرسول ، يا أيها المزمل ، يا ايها المدثر
* وبعث كل نبي الى قومه خاصة وبعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الى الناس كافة رحمة للعالمين .
* وخاطبه ربه مقسما ب : لعمرك . واقسم سبحانه بان يعطيه حتى يرضيه: ولسوف يعطيك ربك فترضى
* وخصه ربه سبحانه وتعالى بالشفاعة العظمى ، والمقام المحمود ، واعطاه لواء الحمد . . .
وكثيرة هي خصائص النبي صلى الله عليه وسلم التي خص بها عن باقي الرسل والانبياء .
و في موضوعي هذا حاولت ان اسلط الضوء على خصيصة عظيمة من احدى هذه الخصائص الا وهي :
الشفاعة الكبرى
يقول الله عز وجل : قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والارض ثم اليه ترجعون
وقال ايضا عز من قائل : يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من أذن له الرحمن
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته واني خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة ان شاء الله من مات من امتي لا يشرك بالله شيئا
وقال ايضا صلوات الله عليه : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع و أول مشفع
لذلك فالشفاعة تابثة بنصوص القرآن وتواترت بها كتب السنة الصحيحة ولا يسع مسلما انكارها .
فما هي الشفاعة اذن ؟ وما هي انواعها ؟
الشفاعة في اللغة : شفع شفعا ، الشئ صيره شفعا أي زوجا بأن يضيف إليه مثله ، يقال كان وترا فشفعه بآخر أي قرنه به .
اما في الاصطلاح فهي سؤال الشافع لغيره او توسط الشافع لغيره بجلب نفع او دفع ضرر او السؤال في التجاوز عن الذنوب .
فشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم او غيره هي دعاؤه الله تعالى لأجل الغيروطلبه منه غفران الذنب وقضاء الحوائج .
انواع الشفاعة
والشفاعة اقسام عدة تندرج تحت قسمين كبيرين
الشفاعة الكبرى التي اختص بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
و شفاعة عامة يشاركه فيها الانبياء والملائكة والشهداء والعلماء والصالحون ومن شاء الله .
فالشفاعة الكبرى الخاصة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تشمل :
- شفاعته لجميع الخلق حين يؤخر الله الحساب فيطول بهم الانتظار في أرض المحشر يوم القيامة - كما سياتي بيانه في حديث الشفاعة - فيبلغ بهم من الغم والكرب مالا يطيقون ، فيقولون: من يشفع لنا إلى ربنا حتى يفصل بين العباد ؟ وهذه الشفاعة خاصة بالنبي كما سبق اليه التوضيح .
- شفاعته لدخول قوم من امته الجنة بغير حساب. جاء في الحديث الشريف :أعطيت سبعين ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغيرحساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربي عزوجل، فزادني مع كل واحد سبعين ألفاً
- شفاعته لأهل الجنة بدخولها .وهذه ايضا خاصة به صلوات الله عليه ، حيث جاء في الحديث الشريف : آتي باب الجنة فيقول لي خازنها : من انت ؟ فأقول : محمد .فيقول : بك امرت ألا أفتح لأحد قبلك
- شفاعته لعمه أبي طالب بأن يخفف عنه من عذاب النار .
أما الشفاعة العامة فتشمل :
- الشفاعة لقوم من العصاة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد استوجبوا النار ، فيشفع لهم ألا يدخلوها . وهذه للنبي ولغيره ممن شاء الله من النبيئين والملائكة والصالحين .
- الشفاعة للعصاة من أهل التوحيد الذين يدخلون الناربذنوبهم بأن يخرجوا منها وهذه للنبي وغيره
- الشفاعة لقوم من أهل الجنة في زيادة ثوابهم، ورفع درجاتهم. وهذه للنبي وغيره.
- شفاعة الأفراط لوالديهم المؤمنين . وهم الاطفال الذين ماتوا قبل البلوغ . وفيه جاء هذا الحديث برواية مسلم بسنده عن ابي حسان انه قال لابي هريرة انه قد مات لي ابنان فما انت محدثي عن رسول الله بحديث تطيب به انفسنا عن موتانا ؟ فقال ابو هريرة : صغارهم دعاميص الجنة يتلقى احدهم اباه فيأخذ بثوبه كما آخذ انا بصنفة ثوبك هذا فلا ينتهي حتى يدخله الله واباه الجنة
- شفاعة الشهداء لذويهم من المؤمنين . جاء في الحديث الصحيح : الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته
- شفاعة المؤمنين بعضهم لبعض .
هذه باختصار انواع الشفاعة وتقسيماتها عند العلماء .
و تجدر الاشارة كذلك الى بعض الاعمال المتنوعة التي هي من أسباب حصول الشفاعة لصاحبها ورد ذكرها في صحيح السنة النبوية ومنها : قراءة القرآن – الصلاة والسلام على النبي وطلب الوسيلة له – شفاعة المصلين على الميت له – سكنى المدينة المنورة والموت بها. . .
تعليق