بسم الله الرحمن الرحيم
·الرفيق و الرءوف.
·احتجابه و خفاؤه:
يقال الهواء جسم لطيف: اى موجود و غير موجود ، نستنشقه ، لا صوت له ، بلا لون ، بلا حركة ، بلا ضجيج ، موجود و كأنه غير موجود.
و في القران: ﴿ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) ﴾(سورة الكهف) اى يختفي و يحتجب عن الناس حتى لا يشعروا به.
أما اسم الله " اللطيف " ماذا يعني ؟
رفيق بعباده:
﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ (19) ﴾ (سورة الشورى)
﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ (100) ﴾(سورة يوسف)
﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19) ﴾(سورة الشورى)
الله لطيف بعباده تعنى انه رفيق بهم، يرحمهم، قريب منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان.
خبير بأدق التفاصيل:
جاء اسم الله اللطيف متصلا باسم الله الخبير في العديد من المواضع:
·﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) ﴾ (سورة لقمان)
·﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) ﴾(سورة الملك)
·﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) ﴾ (سورة الحج)
وهذا الاتصال يعنى أن الله عز وجل خبير بدقائق الأمور ولا يخفى عليه شيء. و دقائق الأمور تعنى أدق التفصيلات، البواعث الخفية، المقاصد البعيدة، النوايا الدقيقة، المشاعر، حتى الخواطر خبير بها.
احتجب عن خلقه في الدنيا:
لحكمة بالغة, احتجب ربنا عن خلقه:
·﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ(51) ﴾(سورة الشورى)
·وهذا نبي الله موسى لم يستطع أن يراه ﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا(143) ﴾ (سورة الأعراف)
ولكن هذا الاحتجاب لا يعنى انه غافلا عنك:
·﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ(42) ﴾ (سورة إبراهيم)
·﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُم﴾ْ
ولكن لماذا الاحتجاب؟
·الله عز وجل لا يدرك إحاطة من قبل خلقه ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ (103) ﴾ (سورة الأنعام)
·لو رآه الناس في الدنيا جهاراً لبطل التكليف, فكيف بمن يرى العزيز أن يرتكب معصية وهو غير خائف. الحرية و عدم الخوف هما أساس التكليف.
·إن الدنيا دار تكليف أما الآخرة دار تشريف, فانه يُرى في الآخرة إكراماً و محبة وجزاء لمن أطاعه في الدنيا ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ ( سورة القيامة ).
اللطف في النهى:
تحريم الخمر كان بالتدريج, فكان لطيفاً على النفس التي اعتادته, و هذه هي مراحله:
1.ذم الخمر:
﴿ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا(67) ﴾ (سورة النحل )
السكر هو رزق غير حسن، و هذه أول إشارة.
2.عدم اقتراب الإنسان من الصلاة إلا على طهارة:
﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى(43) ﴾ (سورة النساء)
3.تحريم الخمر و غيره :
﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ(90) ﴾ (سورة المائدة)
اللطف في الأمر:
·﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾ (سورة طه )
أمر الله نبيه موسى أن يكون لطيفا مع من؟؟؟ مع اعتي عصاة الأرض, فرعون.
·اثني ربنا على رسوله لأنه يدعو بالرفق
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ(159) ﴾ ( سورة آل عمران )
و لكن كيف نتخلق بهذا الاسم؟؟
·يجب أن تكون أفعالك كلها نابعة من أن الله معك دائما, وانه احتجب عنك ليمتحنك، فإن من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ ﴾.
·إن أردت إحداث تغيير فاجعل هذا التغيير تدريجياً لئلا تثقل على الناس.
·إذا أمرت (في المنزل, في العمل), فليكن أمرك بلطف.
·إذا دعوت إلى الله عز وجل, كن رحيماً ليناً ولا تكن فظا.
·يجب أن تكون في عملك وحياتك عالماً بدقائق الأمور و ما خفي منها ولا تكن سطحيا فلطيف اليد من كان حاذقاً في صنعته، مهتدياً إلى ما يصعب على غيره.
المصدر: حلقات أسماء الله الحسنى-للدكتور محمد راتب النابلسي
تعليق