تحية طيبة ...
الزراعة بالمعنى المحدود والدارج للكلمة ، تعني كل نشاط يتعلق بالارض ، ويتعلق بكل ما يقتضيه اعداد الارض للانتاج .
اما بالمعنى الاوسع ، والذي نقصده هنا ، فأن الزراعة هي كل نشاط اقتصادي يهدف الى انتاج مواد غذائية ومواد اولية معينة ، وهي مواد تتعلق بأشياء حية ، حيوانية ونباتية .
ويمتد معنى الزراعة فينطبق ايضا ً على الاعمال التمهيدية لتربية الماشية ، مثل انتاج العلف ، او على الاعمال التحويلية البسيطة ، مثل تربية النحل .
ومن هنا ، فالزراعة هي – من الناحية الجوهرية – نشاط من النوع البايولوجي ، وهو نشاط تجري ممارسته على كائنات حية ، بهدف الوصول بهذه الكائنات الحية ، في ظل افضل الظروف ، الى حالة النضج او الى حالة النمو الكامل ، بحيث يتاح للانسان بعد ذلك امكانية استهلاكها او الانتفاع بها .
ولهذا السبب تنشد الزراعة تحسين الاجناس والانواع والسلالات البايولوجية ، النباتية والحيوانية ، وتنشد توفير حياة ملائمة لها عن طريق الحرث والري وما اشبه للنباتات ، والعناية والوقاية البيطرية بالنسبة للماشية ، وتنشد تزويد هذه الكائنات الحية بأفضل تغذية عن طريق الاسمدة العضوية والكيمياوية للارض ، والعلف السليم للماشية ، وتنشد حماية هذه الكائنات من اعدائها سواء كان هذا العدو مرضا من الامراض او حشرة او اي طفيليات ، واخيرا ً تنشد الزراعة اعداد هذه الكائنات الحية اعدادا ً رشيدا ً للاستهلاك او الانتفاع بها .
وبسبب هذا الجانب (( البايولوجي )) من الزراعة ، فانها تكون قطاعا ً اقتصاديا ً ذا اصالة بعيدة المدى ، ويختلف عن قطاعات الاقتصاد الاخرى اختلافا ً هاما ً ، ويتميز بصفات خاصة لها اهمية جوهرية ، وتحكمه قوانين اجتماعية خاصة ، ويقوم بينه وبين الاقتصاد الصناعي فرق اساسي ولعل اهم ما يفرق بين الزراعة وغيرها من النشاطات الاقتصادية الاخرى هو ان الزراعة لم تحكم – حتى الان – السيطرة الكاملة على كل ظروف الانتاج . فمن ناحية لا تزال هناك عناصر انتاجية ابعد ما تكون عن التحكم فيها ، وخاصة تلك العناصر التي تتكون منها العوامل الفيزيائية او الكيميائية العضوية اللازمة للزراعة ، مثل المناخ ، ونسبة الامطار ، وطبيعة التربة ، وحالة الجو . ومن ناحية اخرى هناك عناصر انتاجية امكن السيطرة عليها جزئيا ً ، مثل الامراض والحشرات والطفيليات .
وبسبب هذا الجانب (( البايولوجي )) من الزراعة ، فانها تكون قطاعا ً اقتصاديا ً ذا اصالة بعيدة المدى ، ويختلف عن قطاعات الاقتصاد الاخرى اختلافا ً هاما ً ، ويتميز بصفات خاصة لها اهمية جوهرية ، وتحكمه قوانين اجتماعية خاصة ، ويقوم بينه وبين الاقتصاد الصناعي فرق اساسي ولعل اهم ما يفرق بين الزراعة وغيرها من النشاطات الاقتصادية الاخرى هو ان الزراعة لم تحكم – حتى الان – السيطرة الكاملة على كل ظروف الانتاج . فمن ناحية لا تزال هناك عناصر انتاجية ابعد ما تكون عن التحكم فيها ، وخاصة تلك العناصر التي تتكون منها العوامل الفيزيائية او الكيميائية العضوية اللازمة للزراعة ، مثل المناخ ، ونسبة الامطار ، وطبيعة التربة ، وحالة الجو . ومن ناحية اخرى هناك عناصر انتاجية امكن السيطرة عليها جزئيا ً ، مثل الامراض والحشرات والطفيليات .
ونتيجة لهذا يوجد عامل احتمالي غير حتمي على جانب كبير من الاهمية في الاقتصاد الحديث يتمثل في حقيقة ان الكمية المعنية من الاستثمار في الزراعة يمكن ان تغل ما هو اقل منها او ما يساويها او ما يبلغ ضعفها ، ويتوقف ذلك على نوع الارض او الاقليم ، او على نوع التقلبات الجوية في الارض ذاتها او في الاقليم ذاته .
ومن ناحية اخرى ، فان عملية الانتاج الزراعي ذاتها ابطأ بكثير من عملية الانتاج الصناعي ، ذلك لان الكائن الحي ، من نبات او حيوان ، يحتاج الى مدة معينة حتمية لكي يحقق نضجه ونموه وتكامله . ولا يمكن التقليل من هذه المدة الا في حدود ضيقة جدا ً ، بل ان تعديل تلك المدة يقتضي تحمل نفقات كبيرة في الانتاج ، كما يقتضي التعرض الى مخاطر عديدة .
وهذا واحد من الاسباب التي تجعل رأس المال الفردي يقبل على الزراعة اقل مما يقبل على الصناعة .
ولهذه السمات الخاصة للزراعة مترتباتها الهامة في مجال التبادل ، وهي السبب في تلك (( الحساسية الشديدة )) التي تتصف بها سوق الحاصلات الزراعية .
وظاهرة الحساسية الشديدة في هذه السوق ترجع الى طابع الحاجة الشديدة والثابتة وغير المرنة الى الاستهلاك الزراعي ، بينما يقابل تلك الحاجة الاستهلاكية انتاج موسمي ذو طابع غير منتظم الى حد كبير . وبسبب ذلك ، فان اية زيادة ولو طفيفة من المنتجات الزراعية في السوق ، وخاصة من منتجات المواد الغذائية والفاكهة ، سرعان ما تؤدي الى هبوط واضح في الاسعار ، وان اي نقص ولو طفيف من المنتجات الزراعية في السوق سرعان ما يؤدي الى ارتفاع ملموس في الاسعار . ولهذا السبب ، فان الانتاج الزراعي هو المجال المثالي لنشاط المضاربين والسماسرة والوسطاء وجميع العناصر الطفيلية ، هذا النشاط الذي يكون ضحاياه المستهلكون والمنتجون على السواء .
ولهذه السمات الخاصة للزراعة مترتباتها الهامة في مجال التبادل ، وهي السبب في تلك (( الحساسية الشديدة )) التي تتصف بها سوق الحاصلات الزراعية .
وظاهرة الحساسية الشديدة في هذه السوق ترجع الى طابع الحاجة الشديدة والثابتة وغير المرنة الى الاستهلاك الزراعي ، بينما يقابل تلك الحاجة الاستهلاكية انتاج موسمي ذو طابع غير منتظم الى حد كبير . وبسبب ذلك ، فان اية زيادة ولو طفيفة من المنتجات الزراعية في السوق ، وخاصة من منتجات المواد الغذائية والفاكهة ، سرعان ما تؤدي الى هبوط واضح في الاسعار ، وان اي نقص ولو طفيف من المنتجات الزراعية في السوق سرعان ما يؤدي الى ارتفاع ملموس في الاسعار . ولهذا السبب ، فان الانتاج الزراعي هو المجال المثالي لنشاط المضاربين والسماسرة والوسطاء وجميع العناصر الطفيلية ، هذا النشاط الذي يكون ضحاياه المستهلكون والمنتجون على السواء .
مع تحياتي / زاهر نصرت
تعليق