يقول عز وجل : { (قلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ }
لا تحتاج نعمة الماء عند الحديث عنها الى تبيان مدى حاجة الانسان والمخلوقات كلها على وجه الأرض اليها
فهي سبب من اسباب الحياة التي وهبنا اياها الخالق عز وجل ، بل انه لا وجود لأي حياة بدونها
{ وجعلنا من الماء كل شئ حي }
بسبب عوامل عديدة ومختلفة ، فان نسبة المياه الصالحة للشرب في مناطق عدة من العالم في تناقص مستمر
العديد من المنابع جفت ، والعديد منها اضحت غير صالحة للاستعمال بسبب التلوث ، والعديد منها كذلك ان سلمت من التلوث لا تكاد تسد الحاجة
والمشكلة تكمن خطورتها أكثر فأكثر في البوادي خاصة حيث يصعب الحصول على مياه نظيفة عذبة صالحة للشرب اذا جفت منابع الأرض ونضبت عيونها
لا أحد منا فكر يوما ان القطرة الواحدة من المياه التي نهدرها يوميا ، هناك من يقوم بتجميعها قطرة قطرة للحصول على رشفة يروي بها ظمأه
القطرة الواحدة التي تجود بها الطبيعة ، هناك من يراها كنزا ثمينا لا يبادله بمال الدنيا كله ويظل يترقب نزول هذه القطرة من السماء كما ينتظر الرضيع ان تقبل عليه أمه بصدرها وتطعم جوعته
انها قطرات متناهية الصغر لا يكاد يتعدى قطرها اثنان او ثلاث ميكرومترا يحملها الضباب وتسيرها الرياح
فتتلقاها شباك بلاستيكية او معدنية نصبها هؤلاء العطشى والمحرومون من الماء العذب النقي
تنساب عبر هذه الشباك قطرة بعد قطرة فتتلقاها قنوات أعدت خصيصا لتسريبها الى حيث يمكن تخزينها واستغلالها من طرف سكان المنطقة
وكما يقال : انت ورزقك ، فقد يجود الضباب على هؤلاء العطشى ب150 ليترا في اليوم
وربما أقل من هذا . . .وربما أكثر
وتلعب نوعية الشباك دورا في كمية الماء المحصل عليه ، فاذا كانت شباكا متخصصة اعدت لهذا الغرض فان بامكانها تجميع حتى 15.000 ليترا في اليوم بمعدل من 17 الى 42 ليترا في المتر المكعب من الضباب
واذا كانت شباكا عادية تفتقر الى حسن التصميم فلن تختزن سوى الرقم الاول المذكور مهما كان الضباب كثيفا
انها وسيلة من وسائل البحث عن جميع موارد المياه الممكنة ، عرفها الانسان قديما ومارسها بوسائل بدائية بسيطة جدا
وها هي اليوم تصبح شائعة في المناطق المتضررة من الجفاف وتتبناها الحكومات و يعمل على تطويرها وحسن الاستفادة منها مختصون
في هذا المجال
بامريكا اللاتينية في بعض القرى المتضررة من الجفاف نجد الحكومات هي من يقوم بتجهيز هذه الشباك الخاصة بحلب الضباب كما يطلق عليها.
كذلك في عدد من الدول الافريقية ، لكن لا يزال الأمر في بعض المناطق يمارس ببدائية تامة اعتمادا على الوسائل البسيطة المتاحة و الممكنة
وبدل الشباك البلاستيكية او المعدنية يكتفي البعض ببناء أوعية حول الأشجار تقوم باحتواء قطرات الماء النازلة من الضباب والتي تتجمع فوق اوراق الاشجار
فقد لاحظ الانسان قديما أن المنطقة التي تحيط بالاشجار وما يوجد تحتها من عشب يكون أخضر بليلا بسبب استقطاب الشجرة للرياح المحملة بقطرات الضباب وتكثيفها ومن ثم تسقط على ما يوجد تحتها من نبات أو عشب فيناله من جود السماء نصيب !
هناك العديد من المناطق بالعالم التي تعاني من الجفاف وندرة الماء الشروب تسمح معطياتها الجغرافية باقامة مثل هذه الشباك لحلب الضباب
لذلك فهم يقومون باستغلال هذه الهبة الربانية ما دامت الحلول الأخرى غير متوفرة
لكن الضباب لايتوفر دائما أوفي كل مكان ، كما ان هذه الشباك لا بد لها من صيانة وعناية
والأخطر من هذا كله انه في المناطق القريبة من مصادر التلوث فان ماء الضباب فيها يكون محملا بمختلف الملوثات المتواجدة بالمنطقة
وهناك حاليا تصاميم متصورة لشباك حلب الضباب بطرائق علمية متقنة لجعلها أكثر قدرة على استقطاب أكبر كمية من قطرات الضباب
هي تقنية ووسيلة فريدة جدا من وسائل استغلال موارد الماء على سطح الأرض ، لكنها بنظري تعتبر حلا مؤقتا فقط ولا تغني عن وجود مصدر مضمون من مصادر المياه المعروفة
بعد اطلاعنا على هذا ، أظن أنه من الواجب علينا أن نفكر ألف مرة ومرة قبل ان نهدر قطرة واحدة من الماء
قطرة واحدة عندي لا تشكل شيئا يذكر . . . لكنها عند غيري طوق نجاة !
فلنحافظ عليها من التبذير
للاستزادة من المعلومات حول الموضوع يمكن البحث في محرك البحث بواسطة : Fog Catchers
************************************************** **
تعليق