منصة زاجل الإجتماعية

تقليص

مختارات من خطب الجمعة

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سُلاف
    مشرفة المواضيع الإسلامية
    من مؤسسين الموقع
    • Mar 2009
    • 10535







    الكرم ليس محصورا في سخاء اليد فقط !









    الحمدُ للهِ ،قدَّمَ من شاءَ بفضلِهِ ، وأخرَّ من شاءَ بعدلِهِ ، هو الكريمُ الوهابُ ، هازمُ الأحزابِ ، ومنشئُ السحابِ ، ومنزلُ الكتابِ ، ومسببُ الأسبابِ ، وخَالِقُ النَّاسِ مِن تُرابٍ ، هو المبدءُ المعيدُ ، الفَعَّالُ لمايُريدُ ، جلَّ عن أتخاذِ الصاحبةِ والولدِ ، ولم يكنْ له كفواً أحدٌ ، أشهدُ شهادةَ حقٍ ، لايشوبها شكٌ ، أنَّهُ لا إلهَ إلا هوَ ، وحدَهُ ولا شريكَ له ، ( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
    وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم تسليماً كثيراً
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)

    أما بعد : أيها الأحبةُ في الله ، فَإنَّ خُطبتي هذهِ عن الكرم : ولكنَّهَا لن تَكونَ ترغيباً بالكرمِ ، لإنَّكمْ كرماءُ ، ولكنني وإيَّاكم نُصحِحُ بعضَ المفاهيمِ الكَرميةِ ، ليكونَ الكرمُ محموداً في السماءِ والأرضِ ، وإلاَّ فالكرمُ من أعظمِ الصفاتِ الإلهيةِ ، ( فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) سُبحانَهُ ، وله صفاتُ الكمالِ بالكرمِ ، ويُحبُ الكريمَ ، ووهبَ تلكَ الصفةَ للإنبياءِ ، فهم أكرمُ الخلقِ ، عليهمُ الصلاةُ والسلامُ ، فهذا إبراهيمُ عليهِ السلامُ ، جاءَهُ ثلاثةٌ من الملائكةِ ظنَّهم بشراً ، (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) ومِن حُسنِ الضيافةِ يقولُ اللهُ عزَّ وجلَ (فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ)

    ومحمدٌ صلى الله عليه وسلم مَا سُئِلَ عَلَى الإسْلاَمِ شَيْئاً إِلاَّ أعْطَاهُ ، وَلَقَدْ جَاءهُ رَجُلٌ ، فَأعْطَاهُ غَنَماً بَيْنَ جَبَلَيْنِ ، فَرجَعَ إِلَى قَوْمِهِ ، فَقَالَ : يَا قَوْمِ ، أسْلِمُوا فإِنَّ مُحَمَّداً يُعطِي عَطَاءَ مَن لا يَخْشَى الفَقْر ، ولما جاءتْ سفانةُ بنتُ حاتمِ طيٍ ، لما جاءتْ في السبيِ ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : دعوها فإنَّ أباها يحبُ مكارمَ الأخلاقِ

    والكرمُ ليسَ ببذلِ المالِ فقط ، لأنّكَ ترى رَجُلاً يبذلُ المالَ ، ويُكرمُ الضيفَ ، ولكنَّهُ يفقدُ صفاتٍ بذلُها أعظمُ من بذلِ المالِ ، فحسنُ الخلقِ كرمٌ ، وكفُّ الأذى كرمٌ ، والإحسانُ إلى الجيرانِ كرمٌ ، وإصلاحُ ذاتِ البينِ كرمٌ ،وإدخالُ السرورِ على النَّاسِ كرمٌ ، والعفوُ عندَ المقدرةِ كرمٌ ، وحبُكَ لإخيكَ مثلُ ماتحبُ لنفسك كرمٌ ، كلُّها كرمٌ وجَمَعَها من أُعطيَ جوامعُ الكلمِ بقولِهِ { إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ }هكذا قال عليهِ الصلاةُ والسلام ، ولكن لا بدَّ للكرمِ ، أن يكونَ مُجرَّداً من الرّياءِ والسمعةِ ، لأن أولَ من تسعرُ بهم النارُ يومَ القيامةِ أربعةٌ ، مِنهُم قَال صلى الله عليه وسلم {وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِىَ فِى النَّارِ }والحديثُ رواهُ مُسلِمٌ في صحيحِهِ ، من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

    فالكرمُ صفةٌ ...ولهذه الصفةُ حدانِ ، وقد قال أهلُ العلمِ كلُّ فضيلةٍ تكونُ بينَ رذيلتينِ ، فالكرمُ صفةُ فضيلةٍ تقعُ بينَ البخلِ والإسرافِ قال تعالى ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً)
    فلابد للرجل الذي يتصفُ بصفةِ الكرمِ ، أن يكونَ في جانبِ الكرمِ وأن لا يتجاوزَهُ إلى جانبِ الإسرافِ ، لإنَّ الله عزَّ وجل يقول ( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)
    وقال سبحانه (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ) فالإِسرَافُ في المَطَاعِمِ وَالمَشَارِبِ وَالتَّبذِيرُ الزَّائِدُ في الدَّعَوَاتِ وَالوَلائِمِ ، فِيمَا يُظَنُّ أَنَّهُ مِنَ الكَرَمِ وَالسَّمَاحَةِ وَالنَّدَى، هُوَ في الحَقِيقَةِ نَوعٌ مِن جُحُودِ النِّعمةِ ، وَكُفرانِ المُنعِمِ سبحانَه، ويُخْشَى على الجميعِ من عاقبتِه ، لأنَّ ضررَهُ يصلُ إلى الجميع، فاللهُ عزَّ وجلَّ يقولُ (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)

    فالعاقلُ الذي يَقدُرُ النِّعمَةَ حَقَّ قَدرِها ، وَيَرَى الناسَ مِن حولِهِ يُتَخَطَّفُونَ مِن أَرضِهِم ، ويتذكرُ السنينَ العجافَ التي مَرَّت بالآباءِ والأجدادِ ، يَعلَمُ أَنَّ أَيَّ قَدرٍ زَائدٍ على ما يَسُدُّ جَوعَةَ ضُيُوفِهِ ، وَيستُرُ وَجهَهُ ، إِنما هُوَ في الغَالبِ نَوعٌ مِنَ الفَخرِ ، وَالخُيَلاءِ والإسراف ، الذي لا يُحِبُّهُ اللهُ ، وَضَربٌ مِنَ الرِّيَاءِ ، وَطَلَبٌ للسُّمعَةِ ، لا يُكتَسَبُ مِنهُ إِلاَّ السَّيِّئَاتُ وَالذُّنُوبُ ، وقد قال سبحانَه: ( تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الأَرضِ وَلا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ للمُتَّقِينَ ) كم سمعنا عن الحفلاتِ والمناسباتِ ، التي يَذبحُ بِها أناسٌ إبلاً وغنماً ، ويدَّعونَ بها طيباً وكرماً ، وينفقونَ آلافَ الريالاتِ في حفلةٍ واحدةٍ ، ومائِدةٍ واحدةٍ ، ومكانٍ واحدٍ ، ومِن جِيرانِهم مَن يَنقصُه الغذاءَ والغِطاءَ والدّواءَ ، ومن أبنائهِم من يقبعُ بالسجنِ بسببِ الدينِ ، ومن أقاربِهم من لايجدُ مايقتاتُ بهِ ، وكم مِن رجلٍ يُحيي بالضيوفِ ، ويقولُ أمامَ صحونِ الإبلِ والغَنَمِ ، والأطعمةِ والنِّعمِ ، قصرنا بكم ، وليس هذا قدرُكم ، وأُمُّ أيتامٍ تكابدُ البؤسَ ، تُعاني الفقرَ والفاقةَ ، باتت حَائرةً ، مِن أَينَ تُطعمُ أطفالَها ، وشيخٌ كبيرٌ ، قد هَرِمَ عن الكدِّ ، وليس له في العملِ كدحٌ ولا يدٌّ ، يعولُ أسرةً ، وينافحُ عسرهُ ، يتقطعُ بينهم ألماً وحسرةً ، البيتُ قد خَلى من الطّعَامِ ، وهؤلاءِ الكرامُ ، عن مثلِ هَؤلاءِ نِيامٌ ، ولا يعدُّونَ هذا من الكرمِ

    والكرمُ ، إيمانٌ وشَرَفٌ وحياءٌ ورُجولةٌ ، وتكاتفٌ وأخوَّةٌ ونُصرةٌ وغَوثٌ ، ليس الكرمُ في المناسباتِ والحفلاتِ والدعواتِ والعزائمِ والمطاعمِ والولائمِ فحسب ، إنَّما الكرمُ في النفسِ ، أينمَا تَوجَهت هذه النفسُ ، وَوجَدَت من يَحتاجُ إليها كرمُتْ ، سواءٌ كان فقيراً أو مِسكِيناً أو مَديناً أو مُعسِراً أو يَتيماً قال تعالى ( كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ*وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) جعلني اللهُ وإياكُم من(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) بارك الله لي ولكم في القران العظيم

    ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم منكلِّ ذنب ، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم

    الحمد للهِ ، نحمَدُه حمداً يَلِيقُ بكريمِ وجهِهِ ، وبعظيمِ سلطانهِ ، ونشهدُ أن لا إله إلا هوَ وحدهُ لا شريكَ لهُ سُبحانه ، ونشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، وصفيُهُ وخليلُهُ ، نبياً شرحَ اللهُ صدرَهُ ، ووضعَ عنه وزرَهُ ورفعَ ذكرَهُ . صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وأصحابِهِ ، الطيبينَ الطاهرينَ ، وعلى من سارَ على نهجِهِم إلى يومِ الدينِ ، وسلم تسليماً كثيراً

    أما بعد : أيها الأحبةُ في الله ، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عَنِ الإِسرافِ فقال: {كُلُوا وَاشرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالبَسُوا في غَيرِ إِسرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ}وَبَعضُ الناسِ يخشى مِن كلامِ النَّاسِ عنه ، واتِّهَامِهِم إِيَّاهُ بِالشُّحِّ وَالبُخلِ ، إِنْ اقتَصَرَ على القَدرِ الوَاجِبِ وَلم يُبَذِّرْ ، وهذا من تَسوِيلِ الشَّيطَانِ وَوَهمٌ لا حَقِيقَةَ لَهُ في الوَاقِعِ ولا وُجُودَ، فاللهُ أََحَقُّ أَن يُخشى ويُرضى ، فهو سبحانَه الذي أَعطَى هذِهِ النِّعمَةَ، وَهُوَ وَحدَهُ القَادِرُ على سَلبِها في أَيِّ وَقتٍ، (قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَن يَبعَثَ عَلَيكُم عَذَابًا مِن فَوقِكُم أَو مِن تَحتِ أَرجُلِكُم أَو يَلبِسَكُم شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعضَكُم بَأسَ بَعضٍ انظُرْ كَيفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُم يَفقَهُونَ).

    وهُوَ سبحانَه الذي يَزِينُ مَدحُهُ وَيَشِينُ ذَمُّهُ، مَن رَضِيَ عَنهُ فلا يَضُرُّهُ سَخَطُ مخلُوقٍ، وَمَن سَخِطَ عَلَيهِ فَمَن ذَا الذي يُنجِيهِ ، وَلو رَضِيَ عنه كُلُّ أَهلِ الأَرضِ، في الحديثِ الصحيحِ أَنَّ رجُلاً قال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ حمدِي زَينٌ وَإِنَّ ذَمِّي شَينٌ، فَقَال النبيُّ : {ذَاكَ اللهُ}، وقال عليه الصلاةُ والسلامُ: {مَن أَرضَى اللهَ بِسَخَطِ الناسِ رَضِيَ اللهُ عنه وَأَرضَى عنه الناسَ، وَمَن أَرضَى الناسَ بِسَخَطِ اللهِ عَادَ حَامِدُهُ مِنَ الناسِ لَهُ ذَامًّا}

    وَلْيَتَذكَّرْ كُلُّ مُسرِفٍ مُبَذِّرٍ ، قَولَ الحَقِّ جل وعلا: (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَريَةً كَانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتِيهَا رِزقُهَا رَغَدًا مِن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوفِ بِمَا كَانُوا يَصنَعُونَ).

    عبادَ الله صلّوا رحمني الله وإياكم على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي }وقال{ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا }

    اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات
    اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
    ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)





    **********************************************



    تعليق

    • سُلاف
      مشرفة المواضيع الإسلامية
      من مؤسسين الموقع
      • Mar 2009
      • 10535




      شــــؤم المعصيـــة











      أما بعد

      أيها الإخوة المؤمنون، اتقوا الله تعالى، واحذروا شؤم المعاصي، فإنه ما من شر ولا بلاء ينزل بالناس أفراداً كانوا أو جماعات، إلا وسببه الذنوب والمعاصي.
      فما الذي سبب إخراج الأبوين عليهما الصلاة والسلام من الجنة، دار اللذة والنعيم إلى هذه الدنيا دار الآلام والأحزان، وما الذي سبب إخراج إبليس من ملكوت السماء، وصيره طريداً لعيناً مصدراً لكل بلاء في الإنسانية، إنه المعصية، لماذا عم الغرق قوم نوح حتى علا الماء رؤوس الجبال، ولماذا سُلط الريح على قوم عاد حتى ألقتهم كأنهم أعجاز نخل خاوية، وما السبب في إرسال الصيحة على ثمود حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم، ولماذا قلبت قرى قوم لوط بهم فجُعل عاليها سافلها وأتبعوا بحجارة من سجيل.
      وما الذي أغرق فرعون وقومه، وخسف بقارون الأرض، وما الذي هد عروشاً في ماضي هذه الأمة وحاضرها طالما حُميت. إنه الذنوب والمعاصي. فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ

      فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى، واحذروا الذنوب والمخالفات، فإن ضررها على الأفراد والمجتمعات لأشد وأنكى من ضرر السموم على الأجسام، إنها لتخلق في نفوس أهلها التباغض والعداء، وتنزل في قلوبهم وحشة وتلفاً، لا يجتمع معهما أنس أو راحة. قال الله تعالى: فَلَمَّا زَاغُواْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ
      ما ظهرت المعاصي في ديار إلا أهلكتها، ولا تمكنت من قلوب إلا أعمتها، ولا فشت في أمة إلا أذلتها.

      إن للمعاصي شؤمها ولها عواقبها في النفس والأهل في البر والبحر: ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ . المعاصي، تهون العبد على ربه، فيرفع مهابته من قلوب خلقه وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ .
      روى الإمام أحمد رحمه الله بسنده، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال: لما فتحت قبرص فُرق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، فرأيت أبا الدرداء جالساً وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، فقال: ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله إذا أضاعوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى.
      إنه مخالفة أمر الله، إنها مخالفة شريعة الله، إنها الذنوب والمعاصي، التي أذلت أعناقاً طالما ارتفعت، وأخرست ألسناً طالما نطقت وأصمت آذاناً طالما استمعت، وفرقت أسراً وفرقت جموعاً طالما اجتمعت.

      بسبب الذنوب والآثام، والمنكرات والإجرام يكون الهم والحزن، إنها مصدر العجز والكسل وفشو البطالة، ومن ثم يكون الجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال.
      بها تزول النعم وتحلُ النقم وتتحول العافية ويُستجلب سخط الله.
      إذا ابتلى العبد بالمعاصي، استوحش قلبه، وضعفت همته وعزمه، وضعفت بأهل الخير والصلاح صلته، وقسا قلبه، ووهن بدنه، وضعف حفظه واستيعابه، وذهب حياؤه وغيرته، وضعف في قلبه تعظيم ووقار الرب.
      وربما تنكس القلب، وزاغ عن الحق، وأدى إلى حرمان العلم النافع، وأورث ضيق الصدر، هل تعلم يا عبد الله بأن المعاصي، تعد خيانة للجوارح التي خلقها الله، لتستعمل في طاعته. وأخص بهذا الكلام، الدعاة إلى الله عز وجل، أولئك الذين حملوا على أنفسهم هداية الناس، والتأثير في الخلق. كيف يريد الداعية أن يؤثر في الناس، وقلوب الناس تبغضه.وكيف يريد أن يتقبل الناس كلامه وقلوبهم تنكره، بسبب المعاصي.

      رأيت الذنـوب تميت القلوب ... وقد يورث الذل إدمانها
      فتـرك الذنوب حياة القلوب... وخير لنفسك عصيانها

      فياليت الدعاة، وذو الصدارة، والوجاهة والولاية يدركون بأن للمعاصي خطراً كبيراً على قلوبهم وعلى علمهم، وعلى طلاقة لسانهم، وأنها من أقوى الأسباب في نفرة الناس من صاحبها، بل وانتزاع حبه من نفوسهم، وصدق الله العظيم: وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ، وقال جل وعز: وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ. يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (إن للحسنة ضياء في الوجه ونوراً في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الناس. وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القلب ووهناً في البدن ونقصاً في الرزق وبغضاً في قلوب الناس).

      أيها المسلمون، من قارف المعاصي ولازمها تولد في قلبه الاستئناس بها وقبولها، ولا يزال كذلك حتى يذهب عنه استقباحها، ثم يبدأ بالمجاهرة بها وإعلانها وغالب هؤلاء لا يعافون، كما جاء في الحديث: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملاً ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان، قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، فيصبح يكشف ستر الله عليه)) رواه مسلم من حديث أبي هريرة.

      وهذه المجاهرة موجودة بيننا ولها صور وأشكال. فمن المجاهرة، أن يتحدث التاجر إلى رفاقه بغشه في السلع ويعد ذلك مهارة وكياسة.
      ومن المجاهرة، أن يتحدث المقاول عن أساليبه في حيله بالنسبة للمواد وغيرها، ومن المجاهرة أن يذكر الماجن مجونه وينشر الفاسق فسوقه. ومن المجاهرة، تلك الصور الفاضحة وتلك الكلمات الخادشة للشرف والفضيلة، وهذا باب من البلاء عريض ولكثير من وسائل الإعلام فيه نصيب كبير. فإن غالب وسائل الإعلام تمارس المجاهرة، بمفهومها الواسع العريض.

      أيها المسلمون، لقد فشا الربا، وكثر الزنا، وشربت الخمور والمسكرات وأدمنت المخدرات، وكثر أكل الحرام، وتنوعت فيه الحيل، شهادات باطلة، وأيمان فاجرة، وخصومات ظالمة، ارتفعت أصوات المعازف والمزامير، ودخل الغناء أغلب البيوت، وتربى الصغار والكبار على ما تبثه وسائل الإعلام، وتساهل الناس في شأن صحون استقبال القنوات الفضائية، وفشت رذائل الأخلاق، ومستقبح العادات في البنين والبنات، وتسكعت النساء في الشوارع والأسواق وكثرت المغازلات والمعاكسات، وتساهل البعض حتى في شأن الصلوات حتى في الجمع، إلى غير ذلك من المنكرات والمخالفات، التي لا عد لها ولا حصر. فإلى متى الغفلة عن سنن الله، ونعوذ بالله من الأمن من مكر الله، ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ

      إن المجتمع حين يغفل عن سنن الله، فتغرق في شهواتها، وتضل طريقها، وتتنكب شريعة ربها، إنها لا تلوم بعد ذلك إلا نفسها، إنها سنة الله، حين تفشو المنكرات وتقوم الحياة على الذنوب والآثام، إن الانحلال الخلقي وفشو الدعارة، وسلوك مسالك اللهو والترف، طريق إلى عواقب السوء، إذ تترهل النفوس، وترتع في الفسق والمجون، وتستهتر بالقيم، وتهين الكرامات. فتنتشر الفواحش، وترخص القيم العالية فتتحلل الأمة، وتسترخي وتفقد قوتها وعناصر بقائها، فتهلك وتطوى صفحتها.

      نعم، إن الاستمرار في محادة أمر الله وشرعه، والاستمرار على الذنوب والخطايا وعدم الإقلاع، ليهدم الأركان، ويقوض الأساس ويزيل النعم، وينقص المال، ويرتفع الأسعار وتحل الهزائم الحربية، وقبلها الهزائم المعنوية.

      ولقد أصابنا ـ أيها الأحبة ـ من ذلك الشيء الكثير فاتقوا الله تعالى، اتقوا الله، أفراداً وجماعات بيوتاً ومؤسسات، صغاراً وكباراً، حكاماً ومحكومين، فإن الحـق أبلج، والديـن واضـح، وسنن الله لن تتغير ولن تتبدل. قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مّن نَّبِىٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَاء وَٱلضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ ءابَاءنَا ٱلضَّرَّاء وَٱلسَّرَّاء فَأَخَذْنَـٰهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَـٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَـٰتاً وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ .




      الخطبة الثانية

      أما بعد: أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى، واحذروا السيئات واستكثروا من الحسنات، فإن عاقبة المعاصي كما سمعتم وخيمة، في الدنيا وفي الآخرة.
      ثم إن الأعمال الصالحة، وهذا من غرائب الأمور، وقد يستغربه بعضكم، أقول: أن الأعمال الصالحة، يسري قوتها فيظهر ذلك في الوجه، وكذلك المعاصي، يسري قوتها ويظهر ذلك في الوجه أيضاً، حسناً وقبحاً. وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الاستقامة عن هذه القضية فقال رحمه الله: "فكلما كثر البر والتقوى، قوي الحسن والجمال، وكلما قوي الإثم والعدوان، قوي القبح والشين، حتى ينسخ ذلك ما كان للصورة من حسن وقبح".
      ثم قال رحمه الله: "فكم ممن لم تكن صورته حسنة، ولكن من الأعمال الصالحة ما عظم به جماله وبهاؤه، حتى ظهر ذلك في صورته".
      ثم قال: "ولهذا يظهر ذلك ظهوراً بيناً عند الإصرار على القبائح في آخر العمر عند قرب الموت، فنرى وجوه أهل السنة والطاعة كلما كبروا ازداد حسنها وبهاؤها، حتى يكون أحدهم في كبره أحسن وأجمل منه في صغره، ونجد وجوه أهل البدعة والمعصية، كلما كبروا عظم قبحها وشينها حتى لا يستطيع النظر إليها من كان منبهراً بها في حال الصغر لجمال صورتها.وهذا ظاهر لكل أحد فيمن يعظم بدعته وفجوره".
      ثم ضرب رحمه الله مثالاً واقعياً على قاعدته هذه التي ذكرها، ووالله لقد صدق شيخ الإسلام، فإن مثاله نراه بأعيننا في وقتنا هذا.
      قال رحمه الله: "وهذا ظاهر لكل أحد فيمن يعظم بدعته وفجوره، مثل:الرافضة وأهل المظالم والفواحش فإن هؤلاء كلما كبر قبح وجهه وعظم شينه حتى يقوى شبهه بالخنزير".
      ثم قال شيخ الإسلام: "بأنه قد تواتر عن هؤلاء أنهم ربما مسخوا قردة وخنازير فسبحان الله، والذي خبث لا يخرج إلا نكداً".

      أيها الأحبة، نخلص من هذا الكلام بأن التقوى والإيمان والورع والصدق، يؤثر ذلك في الظاهر، فيحسن الوجه، ويزداد البهاء والجمال. وأن أولئك الذين يتظاهرون بالصلاح، ويتظاهرون بالاستقامة، وبالتقوى، وربما أطلقوا لحاهم، ثم يندسون في صفوف المسلمين، فيحضرون جمعة أو جماعة. نقول لهؤلاء وننصحهم، ونحن مشفقون عليهم، بأن أمركم واضح لغيركم، فإن الناس يميزون، وإن المعصية لها آثارها، كما أن للصدق القلبي أثره.
      فالوجه وإن كان به لحية، لكن ذلك النور لا تجده، وذلك البهاء تفقده، ثم نحن مشفقون عليهم من جهة أخرى، وهو أنه قد يقع أحدهم في الشرك، وذلك بأن يدخل المسجد، ويصف مع المسلمين، ويكبر ويركع ويسجد معهم، وما أدخلته الصلاة.
      لكـن لأمــر كــان يطلبـه فلما قضي الأمر لا صلى ولا صامـا

      صن الحسن بالتقوى وإلا فيـذهب ... فنور التقى يكسـو جمالاً ويكسـبُ
      وما ينفـع الوجـه الجميل جمالـه ... وليـس لـه فعـلٌ جمـيلٌ مهذبُ
      فيا حسـن الوجـه اتق الله إن تُرد ... دوام جمـال ليـس يفنـى ويذهب
      يزيد التقى ذا الحسن حسناً وبهجـة ...وأما المعاصي فهي للحسـن تسلـب
      وتكسـف نـور الوجـه بعد بهائه ... وتكسـوه قبحـاً ثم للقلـب تقلب
      فسـارع إلى التقوى هنا تجد الهنا ... غداً في صفا عيش يـدوم ويعـذب
      فما بعـد ذي الدنيا سوى جنةٍ ... بها نعيــم مقيـمٌ أو لظـىً تتلهـب


      اللهم اغفر لنا ما قدمنا...
      اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها صغيرها.. دقها.. باطنها..
      اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا...





      *****************************************


      خطبة اليوم لفضيلة الشيخ : ناصر بن محمد الأحمد





      التعديل الأخير تم بواسطة سُلاف; الساعة 12-11-2015, 12:55 PM.


      تعليق

      • أرض الشام
        !! الألــفــ 4 ــــيــة !!
        • Sep 2010
        • 4387



        الله يهدينا للصراط المستقيم
        يبارك فيكي الهي خالة سلاف





        https://www.layalina.com/site-images...2014&croptop=1

        قبل ان ترحل ,, كان علي ان اوضح لك أمراً
        معك انا خسرت اكثر مما ربحت
        وفي اليوم الذي ظهرت فيه على حقيقتك

        لم تعد تعني لي شيئا ...






        تعليق

        • سُلاف
          مشرفة المواضيع الإسلامية
          من مؤسسين الموقع
          • Mar 2009
          • 10535

          رد: مختارات من خطب الجمعة

          المشاركة الأصلية بواسطة أرض الشام مشاهدة المشاركة


          الله يهدينا للصراط المستقيم
          يبارك فيكي الهي خالة سلاف
          اللهم آمين يا رب العالمين

          بارك الله بالجميع عزيزتي .. شكرا لك






          تعليق

          • سُلاف
            مشرفة المواضيع الإسلامية
            من مؤسسين الموقع
            • Mar 2009
            • 10535







            كنوز الاستغفار










            الْحَمْدُ للهِ الَّذِي يَغْفِرُ الزَّلاَّتِ, وَيُقِيلُ العَثَرَاتِ، وَيُفَرِّجُ الْكُرُبَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ

            أَمَّا بَعْدُ:
            فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ - حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الإِسْلاَمِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى, وَاعْلَمُوا أَنَّ السَّعِيدَ مَنِ اسْتَدْرَكَ عَلَى نَفْسِهِ وَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَتَابَ مِنْ ذَنْبِهِ.
            وَلَـمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي جَعَلْتُ الرَّجَا مِنِّي لِعَفْوِكَ سُلَّمَا
            تَعَـاظَمَنِي ذَنْبِي فَـلَمَّا قَـرَنْتُــــهُ بِعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْــظَمَا

            وَاعْلَمُوا -عِبَادَ اللهِ- أَنَّ اللهَ قَدْ أَمَرَنَا بِالاِسْتِغْفَارِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ الْكَرِيمِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: )وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ) فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ( وَأَمَرَ خَاتِمَ رُسُلِهِ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ تَعَالَى: )وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ( ، وَسَمَّى نَفْسَهُ الْغَفَّارَ, وَوَصَفَ نَفْسَهُ بِغَافِرِ الذَّنْبِ وَذِي الْمَغْفِرَةِ؛ وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ لِلنَّاسِ وَحَثٌّ لَهُمْ عَلَى الاسْتِغَفارِ. وَالاسْتِغْفَارُ هُوَ: طَلَبُ الْعَبْدِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمَغْفِرَةَ وَالسَّتْرَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَقَدْ قَصَّ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْنَا عَنْ أَنْبِيَائِهِ أَنَّهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ رَبَّهُمْ، وَيَتُوبُونَ إِلَيْهِ، فَذَكَرَ عَنِ الأَبَوَيْنِ -آدَمَ وَحَوَّاءَ- عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ أَنَّهُمَا قَالاَ: ) رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ( ، وَذَكَرَ لَنَا عَنْ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: ) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ( ، وَذَكَرَ عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: ) رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي( ، وَذَكَرَ عَنْ نَبِيِّهِ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – قَائِلاً سُبْحانَه: )فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ( ، وَذَكَرَ عَنْ نَبِيِّهِ سُلَيْمَانَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – أَنَّهُ قَالَ: )رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي(

            إِخْوَةَ الإِيمَانِ:

            إِنَّ لِلاِسْتِغْفَارِ فَضَائِلَ كَثِيرَةً وَفَوَائِدَ عَظِيمَةً, مِنْهَا: مَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ وَتَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ؛ قَالَ تَعَالَى: )وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا( ، يقول عليه الصلاة والسلام فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي: إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا. يَا عِبَادِي: كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ. يَا عِبَادِي: كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ. يَا عِبَادِي: كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ. يَا عِبَادِي: إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا, فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ».
            ويقول عليه الصلاة والسلام: «قَالَ اللَّهُ: يَا ابْنَ آدَمَ: إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ: لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ: إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً».
            ويقول عليه الصلاة والسلام: «مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ, غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ».

            وَمِنْ فَوَائِدِ الاسْتِغْفَارِ – عِبَادَ اللهِ -: أَنَّهُ يَدْفَعُ العُقُوبَةَ وَيَرْفَعُ الْعَذَابَ: )وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ( , وَأَنَّهُ يَجْلِبُ السَّعَادَةَ وَالاِطْمِئْنَانَ وَالْمَتَاعَ الْحَسَنَ؛ قَالَ تَعَالَى: )وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ(.


            إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ:
            وَمِنْ فَوَائِدِ الاسْتِغْفَارِ: زِيَادَةُ الْمَالِ وَذَهَابُ الْعُقْمِ: ) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا( ، وَمِنْ فَضَائِلِ الاِسْتِغْفَارِ الْعَظِيمَةِ: النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ, وَالْفَوْزُ بِدَارِ الأَبْرَارِ, فِي دَرَجَاتِهَا الْعَالِيَةِ وَمَنَازِلِهَا الْكَرِيمَةِ؛ فَقَدْ أَوْصَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النِّسَاءَ بِوَصِيَّةٍ لِنَجَاتِهِنَّ مِنَ النَّارِ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ: تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ مِنَ الاِسْتِغْفَارِ؛ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ...».
            ويقول عليه الصلاة والسلام: «طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا».
            ويقول عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ, فَيَقُـولُ: يَا رَبِّ: أَنَّى لِي هَذِهِ؟! فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ».


            إِخْوَةَ الإِيمَانِ:
            وَالاِسْتِغْفَارُ مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَهُنَاكَ أَوْقَاتٌ وَأَحْوَالٌ مَخْصُوصَةٌ يَكُونُ لِلاِسْتِغْفَارِ فِيهَا مَزِيدُ فَضْلٍ، فَيُسْتَحَبُّ الاِسْتِغْفَارُ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنْ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ؛ لِيَكُونَ كَفَّارَةً لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ خَلَلٍ أَوْ تَقْصِيرٍ، كَمَا شُرِعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ؛ فَقَدْ «كَانَ النَّبِيُّ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ يَسْتَغْفِرُ اللهَ ثَلاَثاً»؛ لأَنَّ الْعَبْدَ عُرَضَةٌ لأَنْ يَقَعَ مِنْهُ نَقْصٌ فِي صَلاَتِهِ بِسَبَبِ غَفْلَةٍ أَوْ سَهْوٍ.
            وَشُرِعَ الاِسْتِغْفَارُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ مِنْ عَرَفَةَ وَالْفَرَاغِ مِنَ الْوُقُوفِ بِهَا؛ قَالَ تَعَالَى: )ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(. كَمَا شُرِعَ الاِسْتِغْفَارُ فِي خِتَامِ صَلاَةِ اللَّيْلِ، قَالَ تَعَالَى عَنِ الْمُتَّقِينَ: )كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟». وَشُرِعَ فِي خِتَامِ الْمَجْلِسِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ, فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ, أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ, أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ, إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ»


            عِبَادَ اللهِ:
            وهُنَاكَ أَلْفَاظٌ لِلاِسْتِغْفَارِ وَرَدَتْ عَنِ النَّبِيِّ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَقُولَهَا، مِنْهَا: أَنْ يَقُولَ: «أَسْتَغْفِرُ اللهَ», وَمِنْهَا: قَوْلُهُ : «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»، وَقَوْلُهُ: «أَسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ»، وَمِنْهَا: سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ: فَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي, لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ, خَلَقْتَنِي, وَأَنَا عَبْدُكَ, وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ, أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ, وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي؛ فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ. قَالَ: وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ, فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ, وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ, فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». ويقول عليه الصلاة والسلام: «وَاللَّهِ! إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً».

            قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: يَقُولُ الشَّيْطَانُ: أَهْلَكْتُ بَنِي آدَمَ بِالذُّنُوبِ، وَأَهْلَكُونِي بِالاِسْتِغْفَارِ. ويقول رَبَاحٌ الْقَيْسِيُّ: «لِي نَيِّفٌ وَأَرْبَعُونَ ذَنْباً، قَدِ اسْتَغْفَرْتُ لِكُلِّ ذَنْبٍ مِائَةَ أَلْفِ مَرَّةٍ».

            بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ رَسُولِنَا الْكَرِيمِ، عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ, وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.



            الخطبة الثانية
            الْحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَنَسْأَلُهُ الْعَافِيَةَ وَالْمُعَافَاةَ الدَّائِمَةَ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَفَرَّدَ بِالْعَظَمَةِ وَالْجَلاَلِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ كَرِيمُ الشِّيَمِ وَالْخِصَالِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ خَيْرِ صَحْبٍ وَآلٍ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ مَا تَعَاقَبَتِ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِ

            أَمَّا بَعْدُ:
            فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ مَادُمْتُمْ فِي زَمَنِ الإِمْهَالِ، وَاعْمَلُوا لِيَوْمِ الْعَرْضِ عَلَى الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: )وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ( . وَاعْلَمُوا أَنَّ الاِسْتِغْفَارَ لاَ بُدَّ أَنْ يَصْحَبَهُ إِقْلاَعٌ عَنِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، وَنَدَمٌ عَلَى مَا اقْتُرِفَ مِنْهَا، وَإِصْرَارٌ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدَةِ إِلَيْهَا، وَتَحَوُّلٌ إِلَى الْخَيْرَاتِ
            قَالَ تَعَالَى: ) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ(.
            أَسْتَغْفِرُ اللهَ أَهْلَ الْعَفْوِ عَنْ زَلَـلٍ رَبًّا رَحِيماً مُفِيضَ الْخَيْرِ مِنْ أَزَلِ

            اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا جَمِيعًا، وَارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ قُلُوبَنَا مُطْمَئِنَّةً بِحُبِّكَ، وَأَلْسِنَتَنَا رَطْبَةً بِذِكْرِكَ، وَجَوَارِحَنَا خَاضِعَةً لِجَلاَلِكَ. اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ.
            اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَارِنَا أَوَاخِرَهَا، وَخَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا، وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ.
            اللَّهُمَّ وَفِّقْ ولاة أمرنا لما تحب وترضى، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَ فِي رِضَاكَ، وَارْزُقْهُمَ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ الَّتِي تَحُثُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ، وَتُحَذِّرُهُمْ مِنَ السُّوءِ وَالشَّرِّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.
            اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الأَكْرَمِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ





            ****************************************

            خطبة اليوم لفضيلة الشيخ : عبد الله الجار لله











            تعليق

            • سُلاف
              مشرفة المواضيع الإسلامية
              من مؤسسين الموقع
              • Mar 2009
              • 10535







              شكـــر النعــــم






              الحمد لله الكريم المنان, المتفضل على عباده بأصناف النعم وأنواع الإحسان, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الديان, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بالهدى والرحمة وصلاح القلوب والأبدان, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان, وسلم تسليمًا مزيداً...

              أما بعد:

              أيها الناس: اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من النعم العظيمة, نعم الدنيا ونعم الدين، نعم كثيرة وافرة: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} . اشكروا الله على هذه النعم فإن الشكر سبب لمزيدها وبقائها, وإن كفر النعم سبب لنقصها وزوالها, قال الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} . وقال سبحانه: {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}

              أيها المسلمون:
              إن شكر الله على نعمته هو القيام بطاعته, أن تفعلوا ما أمركم الله به, وتتركوا ما نهاكم عنه, سواء في كتابه أو في سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالًا مبيناً.
              إن العاصي ليس بشاكر لربه ولو قال شكراً لله بلسانه, فأيُّ فائدة لشكر الإنسان ربه بلسانه وهو مقيم على معصيته؟! أفلا يخشى مَن شكر ربه بلسانه وهو مقيم على معصيته أن يقال له: كذبت إنك لم تشكر ربك حق شكره!.

              عباد الله: إن أكبر نعمة أنعم الله عليكم أن هداكم للإيمان والإسلام مخلصين لله تعالى متبعين لرسوله -صلى الله عليه وسلم- وقد كان قوم يتخبطون العشواء في دينهم ما بين مغضوب عليهم؛ علموا الحق واستكبروا عنه، وضالين؛ جهلوا الحق فلم يهتدوا إليه.

              وإن من نِعَم الله عليكم هذا الأمن والاستقرار الذي تنعمون به وقد أصيب قوم بالخوف والقلق والقتال, وإن من نعم الله عليكم ما يسره لكم من أنواع الأرزاق تأتيكم رغدًا من كل مكان وقد كان قوم لا يستطيعون لقمة العيش إلا بتعب وعناء وربما ماتوا من الجوع والإقلال.

              وإن من نعم الله عليكم ما أخرجه لكم من ثمرات النخيل والأعناب تتفكهون بها رطباً جنيَّاً وتدخرونها تمراً وزبيباً, فاعتبروا بما فيها من قدرة الله وحكمته ورحمته؛ حيث أخرجها لكم من هذه الجذوع والغصون مأكولاً طريّاً شهيّاً: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} . فاشكروا الله تعالى على هذه النعم واستعينوا بها على طاعته وإياكم أن تكون نعم الله عليكم سبباً لأشرِكم وبطركم وفسوقكم عن أمر ربكم فإن ذلك أقوى معول لهدمها وأقوى سبب لزوالها"

              إن شكر نعمة الله- جل وعلا- فيما أنعم به يقتضي أن تُنسب إليه، وأن يحمد عليها ويثنى عليه بها، وأن تستعمل في مراضيه- جل وعلا- وأن يتحدث بها، فإن الذي ينسب النعم إلى نفسه لم يحقق التوحيد بل هذا من كفر النعم؛ فإنه جمع بين ترك تعظيم الله - سبحانه- وبين ادعاء شيء ليس له، وقد يعتقد في غيره أنه هو المنعم عليه، كقول القائل: لولا فلان لم يكن كذا، أو نحو تلك العبارات التي تدخل في قوله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} . وفي قوله سبحانه: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} . فهذه الألفاظ وأمثالها راجعة إلى عدم شكر النعمة.

              ومن صور شكر النعم أن الله- جل وعلا- إذا أنعم على عبد بولد، وجعله سليماً معافى، ورزقه بتلك النعمة أن يشكر الله عليها، ومن عدم شكر النعمة تلك نسبتها إلى غير الله كما هو الحال في الواقع عند بعض عباد الله حيث تجدهم يُعبِّد الولد لغير الله- تعالى- وهذا مضاد للاعتراف بأن المنعم بذلك الولد هو الله، وقد يصل ذلك إلى حد الشرك الأكبر إذا عُبِّد الولد لولي أو لعبد صالح، وهو يعني حقيقة العبودية التي هي أن هذا عبد لذاك؛ لأن ذاك إله كمن يعبد لبعض المشايخ فيقول: عبد السيد ويعنون به: السيد البدوي، ويقولون: عبد زينب، وعبد علي، وعبد عمرو، عبد النبي, ونحو ذلك من الأسماء التي فيها اعتقادات.

              فمن عبد ولداً لغير الله -جل وعلا- فقد نافى شكر النعمة؛ والواجب على العبد أن يحقق التوحيد، وأن لا ينسب النعم لغير الله -سبحانه- فإن وقع منه ذلك فواجب عليه أن يبادر بالتوبة، وألا يقيم على ذلك"
              "من جعل كفر النعم مكان شكرها، فإن الله غنيّ عن شكره غير محتاج إليه، حميد مستحق للحمد
              من خلقه؛ لإنعامه عليهم بنعمه التي لا يحاط بقدرها، ولا يحصر عددها، وإن لم يحمده أحد من خلقه، فإن كل موجود ناطق بحمده بلسان الحال

              يقول الله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}
              . إن المتأمل في هذه الآية ليظهر له ما فيها من التحذير من كفر النعم لما يترتب على ذلك من أليم العذاب وشديد العقاب, ومن أَجَلِّ النعم نعمة الإِسلام فمن كفر به وأعرض عنه فقد تعرض لأشد العقوبات وأقساها وما حلَّ ببني إسرائيل من ألوان الهون والدون دهراً طويلاً شاهد قوي, وما حل بالمسلمين يوم أعرضوا عن الإِسلام واستبدلوا به الخرافات ثم القوانين الوضعية شاهد أكبر أيضا.

              عبد الله: بالشكر تدوم النعم, ويتمثل ذلك في شكر المنعم -جل وعلا- ، فما من نعمة جاءت للخلق من أهل السماوات والأرض إلا من الله -سبحانه-: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ} . وهي تستوجب أن نتحدث بالشكر عنها: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} . يروى عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- أنه قال: - قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ لَمْ يَشْكُرْ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرْ الْكَثِيرَ وَمَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ، التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ وَتَرْكُهَا كُفْرٌ) . وقال عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-: "تذكروا النعم فإن ذكرها شكر" ، وروي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- «أنه قام حتى تورمت قدماه, فقيل له يا رسول الله أتفعل هذا بنفسك, وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر! قال: (أفلا أكون عبداً شكوراً). وقال أبو هارون: دخلت على أبي حازم, فقلت له: -يرحمك الله- ما شكر العينين؟ قال: إذا رأيت بها خيراً ذكرته, وإذا رأيت بها شراً سترته, فقلت: فما شكر الأذنين؟

              قال: "إذا سمعت خيراً حفظته, وإذا سمعت بهما شراً نسيته
              هكذا كان حال السابقين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يشركون الله تعالى بألسنتهم وبقلوبهم وجوارحهم، فكانت نعم الله عليهم تترى، أما اليوم فمن الناس من يرى المال نعمة وهو أصلاً بعيد عن ربه منتهك لحرماته فما هي إلا أيام حتى يصبح المال والنعمة تلك عليه لعنة ونقمة، وترديه في مهاوي الضياع والتيه، لقد ظن أناس أن من النعم أن يوسع عليه في المال وهو كافر أو فاجر، ولكن في الحقيقة أن النعم في حق الكفار والمقيمين على الفجور والجرائم إنما هي استدراج للفخ الذي لا يخرجون منه أبداً، إنه فخ العذاب الدنيوي والأخروي، إن أناساً ظنوا بالمال خيراً فإذا هو جحيم لا يطاق وهم وغم وعبء ثقيل، والسبب كله في عدم شكر الله على تلك النعم والابتعاد عن صراط الله المستقيم،{فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}
              ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وأستغفر الله من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.




              *********************************************



              http://www.alimam.ws/






              تعليق

              • سُلاف
                مشرفة المواضيع الإسلامية
                من مؤسسين الموقع
                • Mar 2009
                • 10535




                أحكام المسنين في القرآن والسنة








                الخطبة الأولى

                أما بعد:
                قال الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) . سبحان من خلق الخلق بقدرته, وصرَّفهم في هذا الوجود والكون بعلمه وحكمته, وأسبغ عليهم الآلاء والنعماء بفضله وواسع رحمته, خلق الإنسان ضعيفًا خفيفًا ثم أمده بالصحة والعافية، فكان به حليمًا رحيمًا لطيفًا، اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً، قوة الشباب التي يعيش بها أجمل الأيام والذكريات مع الأصحاب والأحباب, ثم تمر السنون والأعوام، وتتلاحق الأيام تلو الأيام، حتى يصير إلى المشيب والكبر، ويقف عند آخر هذه الحياة، فينظر إليها فكأنها نسج من الخيال أو ضرب من الأحلام، يقف في آخر هذه الحياة وقد ضعف بدنه وانتابته الأسقام والآلام، ثم بعد ذلك يفجع بفراق الأحبة والصحب الكرام، (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) .

                عباد الله، حديثنا اليوم سيكون عن المسنين، كبار السن في مجتمعنا من الأهل والأقارب والجيران، وممن نخالطهم في المساجد والمجالس.
                إنه الكبير الذي رق عظمه وكبر سنه، وخارت قواه وشاب رأسه، إنه الكبير الذي نظر الله إلى ضعفه وقلة حيلته فرحمه وعفا عنه، قال الله تعالى: (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا) .

                نقف اليوم ـ أيها الأحبة ـ مع كبير السن، نقف مع حقوقه التي طالما ضُيِّعت، ومشاعره وأحاسيسه التي طالما جُرحت، ومع آلامه وهمومه وغمومه وأحزانه التي كثرت وعظمت.

                أيها المسلمون، أصبح كبير السن اليوم غريبًا حتى بين أهلِه وأولاده، ثقيلاً حتى على أقربائه وأحفاده، من هذا الذي يجالسه؟! ومن هذا الذي يؤانسه؟! بل من هذا الذي يدخل السرور عليه ويباسطه؟!
                إذا تكلم الكبير قاطعه الصبيان, وإذا أبدى رأيه ومشورته سفهه الصغار, فأصبحت حكمته وخبرته في الحياة إلى ضياع وخسران. أما إذا خرج من بيته فقد كان يخرج بالأمس القريب إلى الأصحاب والأحباب وإلى الإخوان والخلان, يزورهم ويزورونه، يقضي حوائجهم ويقضون حوائجه، أما اليوم فإن خرج فإنه يخرج إلى الأشجان والأحزان, يخرج اليوم إلى أحبابه وأصحابه من أقرانه وممن كان يجالسهم، يخرج اليوم يُشيّع موتاهم ويعود مرضاهم, فالله أعلم كيف يعود إلى بيته, يعود بالقلب المجروح المنكسر, وبالعين الدامعة, وبالدمع الغزير المنهمر؛ لأنه ينتظر دوره. يرجع إلى بيته ويرى أن معظم أقرانه وجُلسائه قد فارقوا الحياة، فصار وحيدًا غريبًا ينتظر أمر الله عز وجل.

                فيا معاشر كبار السنن، الله يرحم ضعفكم, الله يجبر كسركم، في الله عوض عن الفائتين, وفي الله أنس للمستوحشين. إنا لنعلم أنه قد تجعّد جلدك، وثقل سمعك، وضعف بصرك، وبطِئت حركتك، وترهلت عضلاتك، وتغيّر لون شعرك، ومع ذلك ـ فيا معاشر الكبار ـ أنتم كبار في قلوبنا, وكبار في نفوسنا, وكبار في عيوننا, كبار بعظيم حسناتكم وفضلكم بعد الله علينا، أنتم الذين عَلّمتم وربيتم وبنيتم وقدمتم وضحيتم، لئن نسي الكثير فضلكم فإن الله لا ينسى، ولئن جحد الكثير معروفكم فإن المعروف لا يَبْلى, ولئن طال العهد على ما قدمتموه من خيرات وتضحيات فإن الخير يدوم ويبقى، ثم إلى ربك المنتهى, وعنده الجزاء الأوفى، (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)

                يا معاشر الكبار، أمّا الآلام والأسقام والأمراض التي تجدونها بسبب كبر السن فالملائكة كتبت حسناتَها, والله عظّم أجورها, وستجدونها بين يدي الله, فالله أعلم كم كان لهذه الأسقام والآلام من حسنات ودرجات, اليوم تُزعجكم وتقلقكم وتُبكيكم وتقض مضاجعكم, ولكنها غدًا بين يدي الله تفرحكُم وتضحككُم, فاصبروا على البلاء، واحتسبوا عند الله جزيل الأجر والثناء، فإن الله لا يمنع عبده المؤمن حسن العطاء، قال : ((عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله خيرٌ؛ إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له, وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له)). عظّم الله أجوركم, وأجزل في الآخرة ثوابكم، فأحسنوا الظن بما تجدونه عند ربكم.
                ثم يا معاشر الشباب، توقير الكبير وتقديره أدب من آداب الإسلام وسنة من سنن سيد الأنام عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى السلام.

                يا معاشر الشباب، إجلال الكبير وتوقيره وقضاء حوائجه سنة من سنن الأنبياء وشيمة من شيم الصالحين الأوفياء،(قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)

                يا معاشر الشباب، ارحموا كبار السن وقدروهم ووقروهم وأجلُّوهم؛ فإن الله يحب ذلك ويثني عليه خيرًا كثيرًا, قال النبي : ((إن من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم))، وقال : ((ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا)). إذا رأيت الكبير فارحم ضعفه، وأكبر شيبَهُ, وقدِّر منزلته وارفع درجته, وفرج كربته، يَعظُم لك الثواب, ويُجزِل الله لك به الحسنى في المرجع والمآب، بل اعتبر بما رواه الإمام أحمد رحمه الله عن أنس أنه قال: جاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله يوم فتح مكة، يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله ، فقال رسول الله لأبي بكر: ((لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه)).
                يا معاشر الشباب، أحسنوا لكبار السن، لا سيما الوالدين من الآباء والأمهات، إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ، لا سيما إن كان الكبار من الأعمام والعمات والأخوال والخالات. كم تجلسون مع الأصحاب والأحباب من ساعات وساعات, كم تجالسونهم وتباسطونهم وتدخلون السرور عليهم, فإذا جلستم مع الأقرباء الكبار مللتم وضقتم وسئمتم, فالله الله في ضعفهم، الله الله فيما هم فيه من ضيق نفوسهم.

                يا معاشر الشباب، ما كان للكبار من الحسنات فانشروها واقبلوها واذكروها, وما كان من السيئات والهنات فاغفروها واستروها، فإنه ليس من البر إظهار زلة من أحسن إليك دهرا، وليس من الشيمة إعلان هفوة مَن مَا بِكَ مِن خير فبسببه.
                أيها المسلمون، سُئل بعض السلف فقيل له: من أسعد الناس؟ قال: أسعد الناس من ختم الله له بالخير. أسعد الناس من حسُنت خاتمته, وجاءت على الخير قيامتُه, قال : ((خيركم من طال عمره وحسن عمله, وشركم من طال عمره وساء عمله)).
                يا ابن آدم، إذا رق عظمك وشاب شعرك فقد أتاك النذير، (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ)؛ تذكرة من الله جل جلاله, وتنبيه من الله سبحانه وتعالى رحمةً بعباده. كان السلف الصالح رحمة الله عليهم إذا بلغ الرجل منهم أربعين سنة لزم المساجد وسأل الله العفو عما سلف، وكان يسأله الإحسان فيما بقي من الأزمان، (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ)
                . كانوا إذا بلغوا أربعين عامًا لزموا بيوت الله, وأكثروا من ذكر الله, وأحسنوا القدوم على الله جل جلاله, أما اليوم فأبناء ستين وسبعين في الحياة يلهثون, غافلون لاهون, أما اليوم فنحن في غفلة عظيمة، من طلوع الصباح إلى غروب الشمس والإنسان يلهث في هذه الدنيا, لا يتذكر ولا يعتبر, لا ينيب ولا يدَّكر, وتجده إذا غابت عليه الشمس وقد مُلئ بالذنوب والآثام من غفلة الدنيا وسيئاتها ينطلق إلى المجالس, إلى مجلس فلان وعلان, وغيبة ونميمة وغيرِ ذلك مما لا يُرضي الله, فيأتي عليه يومه خاملاً كسلانًا بعيدًا عن رحمة الله.

                كبارنا خيارنا، أهل الفضل والحلم فينا، هم قدوتنا في كل خير، هم أئمتنا إلى الطاعة والبر.

                يا معاشر الكبار، أنتم قدوة لأبنائكم وبناتكم وأهليكم, قدوة في مجتمعاتكم، إذا جلست مع الأبناء والبنات فإن كنت محافظًا على الخير والطاعات أحبوك وهابوك وأجلّوك وأكرموك, وإن وجدوك تسب الناس وتشتمهم وتنتقصهم وتعيبهم وتغتابهم أهانوك وأذلوك ثم سبوك وعابوك, وهكذا يُجزى المحسن بالإحسان, والمسيئون بالخيبة والخسران.

                معاشر الكبار، إنكم قدوة في مجتمعاتكم، أردتم أم لم تريدوا، من هم دونكم في السن ينظرون إليكم نظرة إجلال واقتداء، فالحذر الحذر من المخالفة والعصيان، إن المجتمع لا يقبل أن يُرى كبير السن سيئًا في خلقه وتعامله، لا يرضى المجتمع أن يُرى كبير السن يدخن مثلاً، فكيف بما هو أعظم من التدخين؟! أو يلاحظ عليه ما يشين. نعم يا معاشر الكبار، إن من حقكم علينا الاحترام والتقدير والمواساة، ومن حقنا عليكم القدوة وأن تكونوا نماذج يُحتذى بكم ويستفاد من خبرتكم وتجاربكم.
                يا معاشر الكبار، إنابة إلى الله الواحد القهار, وتوبة من الحليم الغفار، إذا تقربت إلى الله شبرًا تقرب منك ذراعًا, وإن تقربت منه ذراعًا تقرب منك باعًا, وإذا أتيته تمشي أتاك هرولة, إذا نظر الله إلى قلبك أنك تحب التوبة وتحب الإنابة إليه فتح لك أبواب رحمته ويسر لك السبيل إلى مغفرته وجنته, إلى متى وأنت عن الله بعيد؟! وإلى متى وأنت طريد؟! ما الذي جنيت من السهرات؟! وما الذي حصلت من الجلوس هنا وهناك؟!

                قال بعض كبار السن: اللهم أحسن لي الخاتمة, فمات بين الركن والمقام. وقال ثان: اللهم أحسن الختام, فمات وهو ساجد بين يدي الله جل جلاله. وقال ثالث: اللهم إني أسألك حسن الخاتمة, فمات يوم الخميس صائمًا لله جل جلاله. أحسنوا الختام, وأقبلوا على الله جل جلاله بسلام، وودعوا هذه الدنيا بأحسن الأعمال وشيم الكرام، فإن الأعمال بالخواتيم.
                يا معاشر الكبار، إن مما يحفظ عليك صحتك وقوتك حتى مع كبر سنك طاعة الله جل وتعالى، وأن لا تستخدم هذه الجوارح في معصيته، وهذا شيء من معنى قول النبي : ((احفظ الله يحفظك))، أي: من حفظ الله في صباه وقوته حفظه الله في حال كبره وضعف قوته، ومتعه بسمعه وبصره وحوله وقوته وعقله.

                رُوي عن أبي الطيب الطبري رحمه الله تعالى أنه جاوز المائة سنة وهو ممتع بقوته وعقله، فركب مرة سفينة، فلما خرج منها قفز قفزةً قوية لا يستطيعها الشباب، فقيل له: ما هذا يا أبا الطيب؟! فقال: ولِمَ وما عصيت الله بواحدة منها قط؟!
                وفي أزماننا المتأخرة فإنا قد عاصرنا مثل إمام هذا العصر الإمام عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ـ وقد جاوز الثمانين من عمره، وهو بكامل قواه العقلية وذاكرته وحفظه، وكان رحمه الله يستحضر ويُعلّم ويُدرّس ويفتي حتى آخر لحظة من حياته. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. إنها جوارح متى ما حُفِظت حَفَظَت،((احفظ الله يحفظك)).

                عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلّما كان رسول الله يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه:((اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا))، والوارث هو الباقي، والمراد إبقاء قوته إلى وقت الكبر.

                معاشر الكبار، لقد دلّنا رسول الله إلى بعض الأعمال التي بسببها يطول عمر الإنسان، وعُدّ إطالة العمر جزاءً لهذه الأعمال الفاضلة، ومن ذلك بر الوالدين وصلة الأرحام وحسن الخلق وحسن الجوار وتقوى الله عز وجل.
                فنسأل الله جل وتعالى طول عمر مع حسن عمل، كما نسأله سبحانه صحة في قلوبنا وصحة في أبداننا، وأن لا يحوجنا إلى غيره سبحانه.
                أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


                الخطبة الثانية

                أما بعد: إن مرحلة الشيخوخة من العمر مرحلة عصيبة، ولا عجب فلقد تعوذ منها رسول الله فيما رواه عنه أنس أن النبي كان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم)) رواه البخاري، وفي رواية أخرى أنه عليه الصلاة والسلام كان يتعوذ من أن يرد إلى أرذل العمر. وقد عدّ الرسول هذه المرحلة هي آخر مرحلةٍ قبل الموت، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((بادروا بالأعمال سبعًا: هل تنتظرون إلا فقرًا مُنسيا أو غنى مطغيا أو مرضًا مفسدا أو هرمًا مفندا أو موتًا مجهزا؟!)).

                أيها المسلمون، ولئن اعتنت الدول بهذه المرحلة من عمر الإنسان فظهر ما يسمى بنظام التقاعد والتأمينات الاجتماعية، فإن الإسلام قد نظّم وأكد هذا الأمر قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا. إن المسنّين يدخلون ضمن الرعية التي يعَدّ إمام المسلمين راعيًا لهم ومسؤولاً عنهم، ((كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته)) رواه البخاري من حديث ابن عمر.

                ورعاية المسنين تلزم ولي أمر المسلمين، وهي مسؤولية شاملة لجوانب الرعاية، من اقتصادية واجتماعية وطبية ونفسية وغيرها. عن معقل بن يسار قال: سمعت رسول الله يقول: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يُحِطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة)) رواه البخاري.

                أيها المسلمون، لقد جاءت هذه الشريعة رحمة للبشرية، ومن صور هذه الرحمة أن الله عز وجل خص كبار السن ببعض الأحكام؛ رحمةً بهم وإشفاقًا عليهم، مراعاةً لحالتهم الصحية والبدنية، من ذلك:
                أنه أمر الأئمة في المساجد بتخفيف الصلاة مراعاة لكبار السن والمرضى، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((إذا صلى أحدكم للناس فليخفف؛ فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء)).

                ومن الأحكام أن الأكبر سنا مقدّم في الإمامة في الصلاة إذا تساووا في قراءة القرآن.
                وأيضا من الأحكام أن كبير السن الذي لا يستوي على الراحلة يحج عنه ويعتمر ولو كان حيا، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأةٌ من خثعم عام حجة الوداع قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: ((نعم)) رواه البخاري.
                ومن الأحكام الرخصة لكبير السن بالإفطار في رمضان حين عجزه، والإطعام عن كل يوم مسكينا أخذا بقول الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)

                ومن الأحكام أنه أمر الصغير أن يسلم على الكبير، وأن يبدأه إجلالا له وتقديرا لسنه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير)) رواه البخاري.
                ومن أحكام كبار السن أنه أمر أن يُبدأ بتقديم الشرب للأكابر، ففي الحديث أن رسول الله كان إذا سُقي قال: ((ابدؤوا بالكبراء))، أو قال: ((بالأكابر)). ومرةً جاءه عيينة بن حصن وعنده أبو بكر وعمر وهم جلوس على الأرض، فدعا لعيينة بوسادة وأجلسه عليها، وقال: ((إذا أتاكم كبير قوم فأكرموه)).

                وأيضًا من الأحكام جواز كشف المسنة وجهَها لغير المحارم، لكن تحجُّبُها أفضل، قال الله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ، قال الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله: "والقواعد هن العجائز اللاتي لا يرغبن في النكاح ولا يتبرجن بالزينة، فلا جناح عليهن أن يسفرن عن وجوههن لغير محارمهن، لكن تحجبهن أفضل وأحوط لقوله سبحانه: (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ)، ولأن بعضهن قد تحصل برؤيتها فتنة من أجل جمال صورتها وإن كانت عجوزا غير متبرجة بزينة، أما مع التبرج فلا يجوز لها ترك الحجاب، ومن التبرج تحسين الوجه بالكحل ونحوه" انتهى.

                ومن أحكام المسنين أن الشريعة نهت عن قتل كبير السن من العدو الكافر حال الجهاد، فقد كان رسول الله يوصي أصحابه عند بعث السرايا والجيوش في الغزوات أن لا يقتلوا صغيرًا ولا امرأةً ولا شيخًا كبيرًا، روى الطبراني عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله إذا بعث جيشًا أو سريةً دعا صاحبهم فأمره بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: ((اغزوا بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، لا تغلّوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا ولا شيخًا كبيرًا)).

                فتأمل ـ يا رعاك الله ـ إلى شريعة الإسلام حتى مع العدو حال القتال، لا يقتل كبير السن، ولا تقتل المرأة، فضلاً عن الأطفال، وقارن ـ يا أخي الحبيب ـ بين هذا وبين ما يمارسه الكفار اليوم بجميع مللهم ونحلهم، ابتداءً من اليهود ومرورًا بالنصارى وانتهاءً بالصرب والشيوعيين، وكيف أنهم لم يرحموا طفلاً رضيعًا ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأةً مسكينة، بل بهم يبدؤون، وعليهم ترسل الصواريخ والقذائف، بل وتدمر البيوت والمساكن فوق رؤوسهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إنها شريعة الغاب التي يدين بها الغرب.

                وإن تعجب فاعجب من موقف عمر بن الخطاب مع ذلك الرجل الكبير المسنّ الضرير اليهودي، وقد ذكره أبو يوسف في كتاب الخراج أن عمر بن الخطاب مرَّ بباب قوم وعليه سائل يسأل، شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه، فقال: من أيّ أهل الكتاب أنت؟ قال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسنّ، قال: فأخذ عمر بيده فذهب به إلى منزله فأعطاه من المنزل شيئًا، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وضرباءه، فوالله ما أنصفناه إذ أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) ، فالفقراء هم المسلمون والمساكين من أهل الكتاب، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه.
                ألا فلتسمع الدنيا مثل هذه المعاملة، ولتسمع بخالد بن الوليد عندما صالح أهل الحيرة وجاء في صلحه معهم أنه قال: (وجعلت لهم أيّما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنيًا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته وعيل من بيت مال المسلمين).

                أين منظمات حقوق الإنسان اليوم عن مثل هذه الأحكام وهذه التشريعات؟! إنه لا خلاص للبشرية من الممارسات الوحشية اليوم في العالم كله إلا بالإسلام، ويوم يرجع الإسلام لحكمه في الأرض فستنعم البشرية في ظله، وهو يوم آت لا نشك في ذلك، ولتعلمُنّ نبأه بعد حين.

                إن الغرب ـ أيها الأحبة ـ الذي يدّعي حقوق الإنسان اليوم زعموا، إليك بعض أخباره مع كبار السن عندهم:
                اقترح مستشار الرئيس الفرنسي السابق في إحدى الدراسات أن لا يعطى الشيوخ علاجًا طبيًا مكثفًا إذا تجاوز سنًّا معينة من أجل التعجيل بوفاته، وها هو أحد المستشفيات في الدانمارك يرفض استقبال المرضى المسنين؛ لأن إقامتهم في المستشفى قد تطول، ويجب أن تعطى أولوية العلاج للعاملين الذين يسهمون في تمويل صناديق الرعاية بما يدفعونه من ضرائب، فقيمة الإنسان لديهم ليست في ذاته، وإنما في قدرته على الإنتاج، ومن لا ينتج فالموت، هذه هي الحضارة التي ينادي بها في مجتمعاتنا أولئك المنهزمون ممن رضعوا من ألبان الغرب من أصحاب التوجهات العلمانية، ومن نحى نحوهم ممن يريدون أن يأخذوا حضارة الغرب بعجرها وبجرها. هذه الكتابات التي نقرأها يوميًا في صحفنا ومجلاتنا، والتي تنادي بالحضارة الغربية والسير في منوالها، هل يريدون أيضًا منّا أن نعامل كبار السنّ عندنا على مثل ما اقترحه المستشار الفرنسي؟! رحماك ثم رحماك.

                اللهم ارحمنا رحمة اهد بها قلوبنا، اللهم اختم لنا بخير, اللهم اختم لنا بخير, اللهم اجعل خير أعمالنا أواخرها, وخير أعمارنا خواتمها, وخير أيامنا يوم لقائك, اللهم اجعل أسعد اللحظات وأعزها لحظة الوقوف بين يديك برحمتك يا أرحم الراحمين, اللهم ارحم كبارنا, ووفق للخير صغارنا, وخذ بنواصينا لما يرضيك عنا...






                ******************************************


                خطبة اليوم لفضيلة الشيخ : ناصر بن محمد الأحمد









                تعليق

                • وردة الامل
                  زراعي مميز
                  • Feb 2016
                  • 229

                  حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين وجزاك الله خيرا على هذا الموضوع الرائع

                  تعليق

                  • سُلاف
                    مشرفة المواضيع الإسلامية
                    من مؤسسين الموقع
                    • Mar 2009
                    • 10535






                    الإيمان بالملائكة عليهم السلام









                    إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهدِ الله فهو المهتدي، ومن يُضلل فلنْ تجِدَ له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾

                    ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾

                    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾


                    أمَّا بعدُ

                    أيها الأحبَّة الكرام، تكلَّمْنا في الْجُمعة الماضية عن الركن الأول من أركان الإيمان، وهو الإيمان بالله - تعالى - أما اليوم، فإننا نقف عند الركن الثاني من هذه الأركان، وهو الإيمان بالملائكة، نقف معها عبر محاور عديدة مهمَّة، أعيروني فيها قلوبَكم وأسماعكم؛ لتتعلَّموا عقيدتكم.أولاً: هل الإيمان بالملائكة واجبٌ؟

                    الإيمان بالملائكة واجبٌ على كلِّ مؤمن ومؤمنة، فمَن شكَّ في وجودهم وخَلْقهم، فإنه خارج من الملَّة؛ لتَرْكه رُكنًا من أركان الإيمان، وهذا إذا كان عن تعمُّدٍ مع العِلم.فالقرآن الكريم مليء بالآيات التي دلَّتْ على وجودهم، وأن أوَّل حوار بين الله وبين خَلْقه بعد خَلْق آدمَ هو حواره مع الملائكة؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾

                    فالإيمان بكلِّ ما جاء في القرآن الكريم هو من أركان الإيمان، التي سنتكلَّم عنها في الجمعة المقْبِلة، وقال - تعالى - في آيات صريحة على وجوب الإيمان بهم، وإثبات وجودهم؛ قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾

                    وقال - سبحانه -: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ فهل تحتاج الآيات إلى تفسير؟ لذلك فالإيمان بالملائكة أصل ورُكن من أركان إيماننا، لا يَدَع مجالاً للشكِّ أبدًا.

                    ثانيًا: الإيمان بصفاتهم:نعم أيها الأحبَّة، وبما أنَّ الإيمانَ بهم واجبٌ، فالإيمان بصفاتهم من جُملة الإيمان بهم.فليعلم المؤمن أنَّ الملائكة خُلقوا من نور، نعم، روى الإمام مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خُلقتِ الملائكة من نور، وخُلقتِ الجانُّ من مارجٍ من نار، وخُلق آدمُ مما وُصِفِ لكم))؛ ولهذا نحن لا نراهم، وهذا من مُقتضى حِكمة الله - تعالى - واختلاف خَلْقه بعضهم عن بعض، ودَلالة على قُدْرته - سبحانه وتعالى - ولو أنَّ الله أطلعَنا عليهم، لفَزِع أكثرُ مَن في الأرض.ثم إنَّهم أجسام حقيقيَّة، تليق بهم وبمقامهم عند ربِّهم، حتى إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى جبريل بصورته الحقيقيَّة وهيئته التي خَلَقه الله عليها، ففي البخاري عن جابر - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ثم فتر عنِّي الوحْي فترة، فبينا أنا أمشي سمعتُ صوتًا من السماء، فرفعتُ بصري قِبَل السماء، فإذا الملك الذي جاءني "بحِرَاء" قاعدٌ على كرسي بين السماء والأرض، فجُئِثْتُ منه حتى هويتُ إلى الأرض، فجِئْتُ أهلي، فقلتُ: زَمِّلوني، زَمِّلوني، فأنزل الله - تعالى - ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾ إلى قوله: ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾)).

                    فيا سبحان مَن خَلَقها، ويا لَعظمة من فَطَرها، إنَّه الملك وحُقَّ للملك أن يُكرِمَ جُندَه، فإن الملائكة جنود من جنود الله، يفعلون ما يؤمرون، ولو أنَّ الأوَّلين والآخرين اجتمعوا على أن يَخلقوا مثلهم ما استطاعوا، فالله أكبر على العُصاة والمذنبين، والمجرمين والكافرين والمنافقين، عصوا ربَّهم، تجرَّؤُوا على الله، وما علموا أنَّه الحليم، وما خافوا وهَرَعوا من غضبه - سبحانه.

                    وإنَّهم أصحاب أجنحة، أجنحة عظيمة؛ ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾."ومعنى مَثْنى وثلاث ورباع؛ أي: منهم مَن له جناحان، ومنهم من له ثلاثةُ أجنحة، ومنهم من له أربعة، وأمَّا يزيد في الخَلق ما يشاء؛ أي: زيادته - تبارك وتعالى - في خَلْق هذا الملك من الأجنحة على الآخر ما يشاء، ونُقْصانه عن الآخر ما أحبَّ، وكذلك ذلك في جميع خَلْقه يزيد ما يشاء في خَلْق ما شاء منه، وينقص ما شاء مِن خَلق ما شاء، له الخلق والأمر وله القدرة والسلطان"؛ تفسير الطبري.فالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رأى أمينَ الوحي جبريل - عليه السلام - في ستمائة جَناح، نعم فقد جاء في وصْفه في مسند الإمام أحمد بإسناد جوَّده ابنُ كثير عن عبدالله بن مسعود، قال: "رأى رسولُ الله جبريلَ وله ستمائة جناح، كل جناح منها قد سدَّ الأُفق، يسقط من جناحه التهاويل من الدُّرِّ والياقوت".إضافةً إلى أنَّ للملائكة القُدرةَ على التشكُّل، كُلّ حسبما يقتضيه واجبه المكلَّف به من الله - عز وجل - فقد تتشكَّل بصورة الإنس، كما حدَثَ مع السيدة مريم - عليها السلام - قال تعالى: ﴿ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴾ [مريم: 17]، وكذلك مع إبراهيم - عليه السلام -: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴾ .


                    وحدث هذا أيضًا مع لوط - عليه السلام -: ﴿ وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾وفي زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان جبريلُ ينزل على صورة الصحابي دَحْية الكلبي - رضي الله عنها - قال ابن حجر في "الإصابة في تمييز الصحابة": "وكان يُضْرَب به المثَل في حُسن الصورة"، فكان دَحْية جميلاً جدًّا، وكان جبريل ينزل على صورته.


                    وإنَّ للملائكة - إخوةَ الإيمان - قُدرات خارقة، كقطع المسافات البعيدة في زمن خاطف؛ ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾
                    وحمل الأشياء الثقيلة، فنبيُّنا وحبيبُنا - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا فعل أهل الطائف به ما فعلوا، أتاه ملك الجبال، وقال له: يا محمد، إن شئتَ أن أطبقَ عليهم الأخْشَبين لفعلتُ - وهما جبلان بمكةَ - فقال: ((إني لأرجو أن يُخرِجَ الله من أصلابهم مَن يعبد الله لا يشرك به شيئًا)).

                    يوم أن أمر الله ملائكته بإنزال العذاب بقوم لوط - الذين لم ينتهوا عن فواحشهم - أدخَلَ جبريل طرف جناحٍ من أجنحته الستمائة تحت قُرَى قوم "لوط" الخمس، فرفَعَها من تخوم الأرض، حتى أدناها من السماء بما فيها، حتى سَمِع أهل السماء نهيقَ حَميرهم وصِياح دِيَكتهم، ولم تنكفئ لهم جَرَّة، ولم ينكسِر لهم إناء، ثم نكسوا على رؤوسهم، وأتبعوا الحجارة من سجِّيل مسوَّمة عند ربِّك، وما هي من الظالمين ببعيد.



                    ومن صفات الملائكة أنهم لا يعصون الله ما أمرهم مع كل هذه المكانة؛ ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾ .
                    ويخافون ربَّهم على الرغم من مكانتهم، وعلى الرغم من طبيعتم؛ ﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾

                    من أيِّ الفريقين أنت؟وإنَّ الناس مع الملائكة فريقان: فريق تلعنه الملائكة في الدنيا، ولا تدخل بيوتَهم، ثم تعذبهم في الآخرة، وفريق تصلي عليهم، وتدعو لهم في الدنيا، ثم تستقبلهم في الآخرة، فمن أيِّ الفريقين أنت؟ فهذا هو أساس إيمانك بهم هو أن تشعُرَ برقابتك عليهم، وأنَّ هناك مَن ينظر إليك، يرفع عملك، ويصعد به إلى ربِّك وخالقك، إلى مَن نهاك وأمرك، وهذه الرقابة تجعل المؤمن سالكًا خيرَ سبيل وأفضلَ طريق، وعندها ستحفظُك وتَحميك، وتقاتل معك، فهل شعرْنا بذلك؟ هل تعلم أنَّ هناك من المؤمنين مَن لهم مع الملائكة عَلاقة كهذه؟

                    لقد ذكَر - تعالى - في القرآن الكريم، وذَكَر نبيُّنا وحبيبُنا - صلى الله عليه وسلم - بالأحاديث الصحيحة أنَّ هناك فريقًا من المؤمنين تلعنهم الملائكة - والعياذ بالله - ولا تقربهم ولا تدخل بيوتَهم.
                    فلا تدخُل الملائكة بيتًا فيه صورةٌ لذاتِ الأرواح، أو كلب - أكرمكم الله - ولا تدخل بيتًا تُسمع فيه الأغاني؛ لأنَّها مزامير الشياطين، أو تُفعل فيه المحرَّمات؛ لأنَّ الملائكةَ تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدمَ، فكلُّ شيءٍ يؤذي المؤمن تتأذَّى منه الملائكة.

                    ولا تدخل بيتًا فيه بول منتقع في طَسْتٍ؛ لقول نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.
                    وأنها تلعن أصنافًا من الناس، فإذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبتْ، فباتَ غضبانًا عليها، لعنتْها الملائكة حتى تُصْبح، فتصبح ملعونًا عليها، ولو كانتْ تصلِّي وتصوم.

                    وممن تلعنه الملائكة ذلك الذي يُشير إلى أخيه بحديدة أو سلاح.

                    ثم تلعن كلَّ مَن سبَّ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فما بالك بمن يطعنُ بعِرْض نبيِّه، ويتَّهم عِرْضَه بالفواحش؟!
                    وأما من قَتَل عمدًا - وما أكثر القتل في بلادنا - فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين.


                    فاحذر - أخي المؤمن - من هذه الأفعال والأعمال والأقوال، وراقِبْ ربَّك الكبير المتعال.
                    أيها الأحبَّة، احرصوا على أن تكونوا ممن آمنوا بالملائكة حقَّ إيمانهم، فكانتْ أركان الإيمان ثابتة في قلوبهم مَهْمَا زادت الفِتن، وتعاقبتِ الْمِحَن، فإنَّ سبيلَ زوال الباطل وأهله بالثبات، فلنجعل شعارنا: "الثبات حتى الممات"، ومَن كان هذا سبيله، فليعلم أنَّه معه الملائكة "جنود الله".
                    فعلى سبيل المثال: إذا كان الرجلُ بأرضِ فلاة، فحانتِ الصلاةُ فليتوضَّأ، فإن لم يجدْ ماءً، فليتيمَّم، فإن أقامَ، صلَّى معه ملكاه، وإن أذَّن وأقام، صلَّى خلفه من جنود الله ما لا يَرى طرفاه، وهذا حديث رسول الله.

                    ومن هؤلاء وهم الصنف الثاني من الناس - الذين آمنوا بربِّهم - مَن أمَّن مع الإمام، فمن وافَق تأمينُه تأمينَ الملائكة، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه.

                    وهناك من يُحب أن يكلِّمه الملك، فيبشره بحبِّ الله له، وما أعظمَ هذه البشارة! فزُرْ أخاك في سبيل الله.
                    فإذا ما أردتَ ملكًا يبيتُ في شعارك - أي ما بين جسدك وثيابك - فبِتْ طاهرًا؛ فإنه لا يزال يستغفر لك حتى تُصبح، بل وملك يَحفظك إذا ختمتَ يومك قبل نومك بآية الكرسي، ولا يَقْربك فيها شيطان.


                    وإنَّ مِن وظائفهم حفظَ المؤمن؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أوى الإنسان إلى فراشه، ابتدره ملكٌ وشيطان، فيقول الملك: اختم بخير، ويقول الشيطان: اختمْ بشرٍّ، فإذا ذَكَر الله حتى يغلبه - أي النوم - طَرَد الملكُ الشيطان وبات يكلؤه، فإذا استيقظَ، ابتدره ملك وشيطان، فيقول الملك: افتحْ بخير، ويقول الشيطان: افتحْ بشرٍّ، فإن قال: الحمد لله الذي أحيا نفسي بعد ما أماتها، طردَ الملكُ الشيطان، وظلَّ يكلؤه)).
                    فإني سائلك سؤالاً: بماذا تختم يومك وليلتك؟ بصلاة؟ بقراءة قرآن؟ بتسبيح؟


                    وهنيئًا لمن حمَل للدعوة همًّا، وبلغ آيةً أو سُنة، فها هو الحبيب يكرمه بقوله: ((إنَّ الله وملائكته، وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جُحْرها، وحتى الحوت - لَيُصلون على معلمي الناس الخيرَ)).
                    ولا تنسَ، فإنَّ دعوتك لأخيك مُستجابة بظهر الغيب، عند رأسه ملك يؤمِّن على دعائه كلما دعا له بخير، قال: "آمين ولك بمثله".

                    وإذا كان يوم الجمعة، كان على كلِّ باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأوَّل، فإذا جلس الإمام، طووا الصحفَ، وجاؤوا يستمعون الذِّكْر.
                    وتشهد الملائكة صلاة الفجر، فهل أنت - أخي العزيز - ممن يؤلمك فواتُ ذلك الْجَمع الكريم، وقرآن الفجر إنَّ قرآن الفجر كان مشهودًا؛ أي: تشهده الملائكة؟
                    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.


                    الخطبة الثانية



                    الحمد لله وحْدَه، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه وجنده.

                    وبعدُ:
                    إخوتي الكرام، إنَّ الله أمرنا بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكة قُدْسه، وثلَّثَ من العالمين بإنسه وجِنه، فقال قولاً كريمًا؛ تعظيمًا لقَدْر نبيِّنا، وتفهيمًا لنا وتعليمًا؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ .

                    ومَن صلَّى على النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّتْ عليه الملائكة؛ ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ .

                    فصلوا على نبيِّكم، فالبخيل من ذُكِر عنده نبيُّه فلم يصلِّ عليه، اللهم صلِّ على محمد حتى ترضى، اللهم صلِّ على محمد حتى يرضى، صلاةً وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين يا ربَّ العالمين.







                    ************************************************** *



                    خطبة اليوم لفضيلة الشيخ مثنى الزيدي









                    التعديل الأخير تم بواسطة سُلاف; الساعة 03-04-2016, 01:47 PM.


                    تعليق

                    • وردة الامل
                      زراعي مميز
                      • Feb 2016
                      • 229

                      اللهم اهدنا ولا تضلنا وتولنا وارشدنا

                      تعليق

                      • وردة الامل
                        زراعي مميز
                        • Feb 2016
                        • 229

                        اللهم صلِّ على محمد حتى ترضى، اللهم صلِّ على محمد حتى يرضى، صلاةً وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين يا ربَّ العالمين.آمين

                        تعليق

                        • سُلاف
                          مشرفة المواضيع الإسلامية
                          من مؤسسين الموقع
                          • Mar 2009
                          • 10535




                          عبر من فصل الربيع








                          إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛
                          وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
                          { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْْ اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }.{
                          يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }.
                          { يَا أَيُّهَا الَّذِين ءَامَنُواْ اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }.

                          أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.

                          أيها الناس:
                          المؤمن بالله حقا لا يرى شيئًا في هذه الدنيا إلا تذكّر به ما وعد الله بجنسه في الآخرة، وعلم أن ذلك دليلاً يُعرّفه بخالقه جل جلاله وتقدست أسماؤه، قال بعض السلف: ما زال المؤمنون يتفكرون فيما خلق لهم ربهم حتى أيقنت قلوبهم، وحتى كأنما عبدوا الله عن رؤيته.
                          فكل ما في الدنيا يدل على خالقه ويذكر به، ويدل على صفاته فما فيها من نعيم وراحة يدل على كرم خالقه وفضله وإحسانه وجوده ولطفه بأهل طاعته. وما فيها من نقمة وشدة وعذاب يدل على شدة بأسه وبطشه وقهره وانتقامه ممن عصاه فنبات الأرض واخضرارها في الربيع بعد محولها ويبسها في الشتاء وإيناع الأشجار واخضرارها بعد كونها خشبًا يابسًا يدل على بعث الموتى من الأرض.

                          ونحن هذه الأيام نعيش في فصل الربيع وهي من نعم الله علينا في هذه البلدة التي اخضرت وازينت وانْبِتت من كل زوج بهيج، تسرُّ الناظرين، وتُفْرِحُ المتفرجين، فالحمد لله كثيرا على نعمته وامتنانه.

                          وفصل الربيع -إخوتي في الله- فيه حكم وعبر وفوائد فمنها أنه يدل على البعث بعد الموت وقد جلاّه الحق جل وعلا بمثال من عالم الشهادة. فالأرض التي ظلت هامدة خاشعة مقحلة لما أنزل الله عليها ماء من السماء أنبتت من كل زوج بهيج. فعن أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ؟ قَالَ: «أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ لَكَ مَحْلًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟ ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ مَحِلًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟ » قَالَ: بَلَى. قَالَ: «فَكَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى، وَذَلِكَ آَيَتُهُ فِي خَلْقِهِ».
                          فبيّن عليه الصلاة والسلام لهذا الصحابي أن الله تعالى سيحيي الموتى كما يحيي الأرض بعد موتها. وفي ذلك يقول المولى سبحانه وتعالى: { وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ }، ويقول: { وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } ، ويقول: { يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } والآيات في هذا كثيرة.

                          وفصل الربيع أطيب فصول السنة، وهو يُذكّر بنعيم الجنة وطيب عيشها. وينبغي أن يحث المؤمن على مواصلة الاجتهاد يطلب الجنة بالأعمال الصالحة.
                          فإذا جاء الربيع تحركت الطبائع وظهرت المواد الكامنة في الشتاء، فخرج النبات، وأخذت الأرض زخرفها وازينت وأنبتت من كل زوج بهيج، وتحرك الحيوان للتناسل.

                          وفصل الربيع برزخ بين الشتاء والصيف ينتقل فيه الحيوان من برد هذا إلى حر هذا بتدريج وترتيب، حكمة بالغة، وآية قاهرة، فتبارك الله رب العالمين وأحسن الخالقين.
                          وفصول السنة كلها -أيها الناس- تُذكّر بالآخرة فشدة حر الصيف يُذكّر بحر جهنم وهو من سمومها، وشدة برد الشتاء يُذكّر بزمهرير جهنم وهو من زمهريرها. والخريف يَكْمُل فيه اجتناء الثمرات التي تبقى وتُدّخر في البيوت فهو منبه على اجتناء ثمرات الأعمال في الآخرة.

                          بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم؛ ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.


                          الخطبة الثانية

                          الحمد لله على إحسانه؛ والشكر له على توفيقه وامتنانه؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد :

                          عباد الله: الترويح عن النفس في الإسلام أمر مشروع ومرّغب فيه، وذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا حنظلة ساعة وساعة ) رواه مسلم.
                          وقد أنعم الله علينا بالأمطار ورطوبة الجو، وازينت الأرض بالخضرة والنبات، فانتعش الناس، واستبشروا بخير من ربهم، ثم جلل كل هذا الأمن على الأنفس والأموال والأعراض أمن سابغ { بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ }. ألا فلَنحفظْ أمننا بطاعة ربنا، وقيامنا بشرعنا، ورعاية أسرنا، ومناصحة من ولاهم الله أمرنا، بالأخذ على أيدي سفهائنا.

                          فالترويح يخرج عن دائرة المباح، ويخشى عقوبته إذا ضيعت بسبه الصلاة نوم عن صلاة الفجر وربما عن صلاة الظهر أو العصر .
                          والترويح يخرج عن دائرة المباح إذا ضيع الإنسان فيه بناته وصرن يأتين ما شئن من الأماكن والحدائق إلى ساعات الليل المتأخرة.
                          وليس الترويح مباحاً بحضور الأماكن المختلطة بين النساء والرجال، لأن الاختلاط يفضي إلى إثارة الشهوات، والوقوع في المحرمات، وليس الترويح والاستجمام في سماع المعازف ولا الأغاني، لأنها مما حرم الله سمعها.

                          أيها الآباء: ليس من الترويح في شيء أن يُمكّن الأبناء على صغر سنهم من السيارات أو الدبابات فيهلكوا أنفسهم، ويحصدوا أنفساً بريئة بتهورهم.
                          احفَظُوا هذه النعمة بالعمل الصالح، وأصلحوا ما فسد من أحوالكم، واشكروا الله على ما من بكم بألسنتكم وقلوبكم، واستعينوا بها على طاعة الله تعالى، وتعوذوا بالله من زوالها وحلول نقمة الله بكم.

                          فاللهم إنا نعوذ من زوال نعمتك وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك وجميع سخطك، اللهم وفقنا لما يرضيك عنا وجنبنا ما يسخطك علينا، وأعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك. اللهم أحْسِن عاقبتنا في الأمور كلِّها، وأجِرْنا من خِزي الدنيا وعذاب الآخرة.

                          اللهم أقل عثرات المسلمين وردهم إليك رداً جميلاً، اللهم اجمع كلمتهم على الحق والهدى وألّف بين قلوبهم ووحد صفوفهم وارزقهم العمل بكتابك وسنة نبيك، وانتصر لعبادك المستضعفين في كل مكان، اللهم واحقن دمائهم وصن أعراضهم وتولّ أمرهم وسدد رميهم وعجّل بنصرهم وفرّج كربهم وانصرهم على القوم الظالمين
                          اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين.
                          ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات،
                          ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) .





                          ************************************************** ***



                          خطبة اليوم لفضيلة الشيخ : وليد الشعبان










                          تعليق

                          • وردة الامل
                            زراعي مميز
                            • Feb 2016
                            • 229

                            اللهم اصلح فساد قلوينا فانه لا يصلحها الا انت واعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك فانه لا يغيننا عليها الا انت
                            اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وفجاءة نقمتك وتحول عافيتك وجميع سخطك اللهم اني اعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات

                            تعليق

                            • سُلاف
                              مشرفة المواضيع الإسلامية
                              من مؤسسين الموقع
                              • Mar 2009
                              • 10535







                              أيحسب الإنسان أن يترك سدىً




                              الخطبة الأولى


                              الحمد لله ربِّ الأرباب، مُسبِّبِ الأسباب ومُنْزِلِ الكتاب، حَفِظَ الأرض بالجبال من الاضطراب، و قهر الجبّارين وذلّلَ الصعاب، و سَمِعَ خفيَّ النطقِ و مهموسَ الخطاب، أنزلَ القرآن يحث فيه على ترك الذنوب و اكتساب الثواب وقال فيه: (كتابٌ أنزلناه إليك مباركٌ ليدَّبروا آياته و ليتذكّرَ أولوا الألباب)أحمده تعالى إنه العزيز التواب وأصلّي وأسلم على رسوله محمدٍ النبيِّ الأواب، وعلى صاحبه أبي بكر خيرِ الأصحاب، وعلى عمر الذي إذا ذكر في مجلس طاب، وعلى عثمان المقتول ظلماً و ما تعدى الصواب، و على عليٍّ البدرِ يوم بدرٍ والصَّدر يوم الأحزاب، وعلى عمه العبّاس الذي نسبه أشرف الأنسابِ
                              اللهم يا من ذلّت له جميعُ الرقاب، و جرَت بأمره الريح والسحاب، احفظنا في الحال و المآب، وألهمنا التزود قبل أن ندخل تحت التراب، ارزقنا الاعتبار بسالفي الأتراب، وأرشدنا عند السؤال إلى صحيح الجواب، ونجّنا من العذاب يوم البعثِ والحساب واغفر لشيبنا والشباب، وارزقني و الحاضرين عمارة القلوب من الخراب، برحمتك نستغيث يا كريم يا وهّاب.
                              اللهمَّ صلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ، اللهُمَّ زِدْهُ شَرَفًا وَتَعْظِيمًا، اللهُمَّ تَوَفَّنَا عَلَى صِرَاطِكَ المُستَقِيم. اللهمَّ وَثَبِّتْنا عَلَى الدِّينِ القَوِيمِ.

                              أما بعدُ
                              أيها الأحبةُ المسلمونَ، اتَّقُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي القُرءَانِ الكَريمِ:﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أولئِكَ كَانَ عنهُ مَسئُولاً﴾ سورةُ الإسراءِ . أَحِبَّتِي نحنُ مَا خُلِقْنَا في هذهِ الدنيا لِنَنْشَغِلَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ بِخَرَابٍ زَائِلٍ وَلا بِحُطامٍ زَائِلٍ ولا بِثِيابٍ تذهَبُ إلَى المزَابِلِ وَلا بِفِرَاشٍ تَأكُلُه النارُ فَيَصِيرُ رَمَادًا وَلا بِطَعَامٍ يَتَحَوَّلُ إِلَى قَذَرٍ تَعَافُه النَّفْسُ، بَلِ اللهُ تَعالَى خَلَقَنَا لِيَأْمُرَنَا بِطَاعَتِهِ وَهُوَ الرَّبُّ المعبودُ، عَلِمَ بِعِلْمِهِ الأَزَلِيِّ أنَّ مِنَ العِبادِ مَنْ سَيَكونُ طَائِعًا وأنَّ منَ العبادِ من سيكونُ مُكَذِّبًا مُعَانِدًا، أَعَدَّ الجنةَ لِعِبَادِهِ المؤمنِينَ وأَعَدَّ النارَ وَما فِيها مِنَ عَذابٍ أليمٍ لِلَّذينَ كَذَّبوا اللهَ وَأنْبِياءَه، فنَحْنُ لَسْنَا كالبَهَائِمِ نَأْكُلُ ونشرَبُ وَنَسْرَحُ وَنَمْرَحُ كَالأَنْعَامِ، نحنُ لسنا كالبَهائِمِ للأَكْلِ وَالشربِ والنَّومِ بِلِ اللهُ تعالَى خلقَنا لِيَأْمُرَنا بِطَاعَتِه وَيَنْهَانَا عَنْ مَعْصِيَتِهِ فَإِنَّ مَنْ لمَ يَعْرِفْ هذا، لَمْ يَعْرِفْ لِما خُلِقَ، أليسَ اللهُ تعالَى يقولُ في القُرءانِ الكَرِيم: ﴿أيحسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ سورةُ القِيامة .

                              كثيرونَ أولئكَ الذينَ ما عَرَفُوا لِمَا خُلِقُوا فَتَرَاهُمْ يَنْطَبِقُ عليهِمْ حديثُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللهَ يُبْغِضُ كُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظ سَخَّابٍ بِالأَسْوَاقِ جِيفَةٍ بِالليلِ، حِمَارٍ بِالنَّهَارِ، عَارِفٍ بأَمْرِ الدُّنْيَا جَاهِلٍ بِأَمْرِ الآخِرَةِ”، هَذا الصِّـنفُ مِنَ النَّاسِ كثيرٌ، وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وقليلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور﴾. واللهُ تَعالَى عَلِمَ أَنَّ مِنْ عِبادِهِ المسلِمِينَ مَنْ سَيَكُونُ وَلِيًا تَقِيًا صَالِحًا، وَأَنَّ مِنْ عِبادِهِ المسلمينَ مَنْ سَيَكونُ فَاسِقًا عَاصِيًا مُذنِبًا، فَمِنَ الناسِ مَنْ يَعصِي الإِلَهَ بِأُذُنَيْهِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْصِي اللهَ بِعَيْنَيْهِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْصِي الإِلَهَ بِيَدَيْهِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْصِي الإِلَهَ بِرِجْلَيْهِ، وَرَبُّ العِبَادِ يَقُولُ: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أولئِكَ كَانَ عنهُ مَسئُولاً﴾ سورةُ الإسراءِ . وَمِنَ الناسِ من يَعْصِي الإِلَهَ بِلِسَانِه: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ سورة ق/ .

                              أمَّا المسلِمُ الكَامِلُ التَّقِيُّ الصالِحُ هُوَ الذِي عَنَاهُ رَسولُ اللهِ بِقَولِه عَلَيهِ الصلاةُ والسَّلامُ: “المسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلِمُونَ مِنْ لِسَانِه وَيَدِه” أي المسلِمُ الكَامِلُ هو الذِي كَفَّ أَذاهُ عَنِ المسلمِينَ وغَيْرِ المسلِمينَ فَلَمْ يُؤْذِهِم بغيرِ حَقٍّ لا بِلِسانِه وَلا بِيَدَيْهِ وَلا بِغَيرِ ذلكَ فَمَنْ عَصَى اللهَ تَعالَى مِنَ المسلمينَ بِحَيْثُ لَمْ يَصِلْ إلَى مرتَبَةِ الكُفرِ كَمَنْ تَرَكَ صَلاةً مُتَكَاسِلاً أَوْ أَفْطَرَ في رمضانَ وجاهَرَ بذلكَ أو كانَ عاقًّا لأُمِّهِ أَوْ لأَبِيهِ أو كانَ ءاكِلَ مَالِ اليَتِيمِ ظُلْمًا أَوْ ءاكِلَ مَالِ الرِّبَا أَوْ شَارِبَ خَمْرٍ أَوْ زَانِيًا أَوِ انْتَحَرَ بِأَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ أَوْ تَحَسَّى سُمًّا أَوْ تَرَدَّى مِنْ عُلْوٍ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَرِضَ على اللهِ بِقَلْبِهِ إِنَّمَا كما لو كانَ وَقَعَ فِي فَضِيحَةِ زِنا أَوْ كَمَا لَوِ ارْتَكَبَتْهُ الدُّيونُ والنَّاسُ يُطالِبُونَهُ فَقَتَلَ نَفْسَهُ وَانْتَحَرَ لِمُجَرَّدِ هذِهِ الذُّنُوبِ لا يَكونُ المسلِمُ كافِرًا لا يَصِيرُ بِها المسلِمُ كافِرًا. أَمَّا أَنْ يَفْعَلَ الإِنْسَانُ مَا يُحَرِّكُه الشيطانُ إليهِ مِنْ مُحَرَّماتٍ وتَرْكِ الوَاجِباتِ فَلْيَتَذَكَّرْ كُلٌّ مِنَّا قولَ اللهِ تعالَى: ﴿أيحسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾، وقد قالَ عليهِ الصَّلاةُ والسلامُ: “مَنِ اسْتَمَعَ إلى حَديثِ قَوْمٍ وهم له كَارِهُونَ صُبَّ في أُذُنَيْهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيامَةِ”. أَيِ الرَّصاصُ المُذَابُ.

                              أليسُ قالَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم هذا الحديثَ؟! بَلى، هذا فيهِ بيانُ مَعْصِيَةِ الأُذُنِ. أليسَ قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “وَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ”؟! بَلَى. هَذَا مَعْنَاهُ فِيهِ بَيَانُ مَعْصِيَةِ العَيْنِ، أَلَيْسَ قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “المسلِمُ مَنْ سَلِمَ المسلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ” ؟ هَذا فِيهِ بَيانُ مَعْصِيَةِ اليَدِ وَاللسَانِ، فَيَا أَيُّها الإِنسانُ اعْمَلْ لآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا وَاحْرِصْ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّدَ مِنْ زَادِ الآخِرَةِ قَبْلَ أَنْ يُفَاجِئَكَ مَلَكُ الموتِ فَإِنَّ عزرائيلَ لا يَسْتَأْذِنُ عَلَى أَحَد، لا يترُكُ صَغِيرًا رَضِيعًا كَمَا لا يَتْرُكُ رَجُلاً صَحِيحًا قَوِيًّا فيأخُذُ الشِّيبَ وَالشيوخَ وَالعُجَّزَ وَالْمَرْضَى فِي المستَشْفَيَاتِ فَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ مَاتَ مِنْ غَيرِ عِلَّةٍ وَكَمْ مِنْ أَحْفَاد مَاتُوا قَبْلَ أَجْدَادِهِمْ فَهَيِّؤُوا الزَّادَ لِيَوْمِ المَعَادِ، وَالزَّادُ لا بُدَّ لَهُ مِنْ طَلَبِ علمِ الدِّينِ فَالعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَالمَالُ أَنْتَ تَحْرُسُهُ، كَثِيرُونَ من الناس بدَلاً مِنْ أَنْ يَكُونُوا حَرِيصِينَ علَى التَّزَوُّدِ بِمَا يَنْفَعُهم لآخَرِتِهِم تَرَاهُم يَتَكَالَبُونَ وَيَلْهَثُونَ وَيترُكونَ مَا يَنْفَعُهُم فِي قُبورِهِم وَإِذَا مَا دَفَنَهُمْ أَهلوهُم وَأَلْقَوْا علَيهِمُ الترابَ، وَانْهَالَ عليهِمُ التُّرابُ، وصارُوا تَحتَ التُّرابِ عَادَتْ إِلَيْهِمْ أَرْوَاحُهم وَإِنَّهُم لَيَسْمَعُونَ قَرْعَ نِعالِهم إذا انصَرفُوا أَتاهُمْ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لأحَدِهِما مُنكرٌ وَلِلآخَرِ نَكيرٌ، مُنكرٌ معناهُ هذهِ الهيئَةُ غيرُ مَعروفَةٍ هَيْئَـتُهُما غَيْرُ مَعروفَةٍ هيئَتُهُما تَخْتَلِفُ عَنْ سَائِرِ الملائِكَةِ وَعنِ الإِنْسِ والجِنِّ. هذا مَعْنَى مُنكر ولَيسَ مَعناهُ باطِل، فَيُقْعِدانِه فَيُجْلِسَانِه فَيَسْأَلانِه: “مَنْ رَبُّكَ، مَا دِينُكَ، مَنْ نَبِيُّكَ”، المسلمُ لو ماتَ مَقْطُوعَ اللسانِ يقولُ: “رَبِّي اللهُ، وَدينِي الإسلامُ، ومُحَمَّدٌ نَبِيِّي صلى الله عليه وسلم جاءَنا بِالهُدَى والبَيِّنَاتِ، فأما الذينَ كَذَّبُوا اللهَ وَرُسُلَهُ وَعانَدُوا القُرءانَ العظيمَ يأتِيهِمْ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ أي لونُهُما ليسَ مِنَ الأَسْودِ الخالِصِ بل مِنَ الأَسودِ الممزُوجِ بالزُّرقَةِ وَهذا أخوفُ ما يكَونُ مِنَ الأَلْوانِ، فيكونُ الفَزَعُ في قلوبِهِم قَد تَمَلَّكَهُم، فَيَقُولانِ لِهذا المكذِّبِ “ما كُنْتَ تقولُ في هَذَا الرَّجُلِ مُحمدٍ؟ فَيقُولُ:“لا أدْرِي كنتُ أَقُولُ كمَا يَقُولُ الناسُ” فيقولانِ لَهُ: “لا دَرَيْتَ وَلا تلَيْتَ” فَيَضْرِبَانِهِ بِمِطْرَقَةٍ بينَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ حَوْلَهُ غير الإِنْسِ والجِنِّ.
                              اعمَلْ لِقَبْرِكَ، القبرُ صندوقُ العمَلِ، اعمَلْ عمَلاً يُنْجِيكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، اعمَلْ عَمَلا يُنجِيكَ وقتَ السؤالِ، اعمَلْ عَمَلاً يَقِيكَ مِنْ هَوامِّ القبرِ وَحَشَراتِه. هذا و استغفر الله لي و لكم.


                              الخطبة الثانيةأَيَحْسَبُ الإِنسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى‏إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنـا ومن سيئـات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له، وأشهد أنّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمّدًا عبد الله ورسوله وصفيّه وحبيبه، صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول أرسله.

                              أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم القائل في محكم كتابه:﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ سورة الإسراء/36.

                              إخوة الإيمان ، أخرج أبو داود قصة الرجل الذي كانت برأسه شجّة (أي كان برأسه جرح) فأجنب في ليلة باردة (وجب عليه الاغتسال في ليلة باردة) فاستفتى من معه (وكانوا ليسوا أهلاً للسؤال) فقالوا له: اغتسل ، فاغتسل فمات فأُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “قتلوه قتلهم الله، ألاّ سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العيِّ السؤال” . أي شفاء الجهل السؤال .وقال عليه الصلاة والسلام: “إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقةً ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده“.﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ لا تقل قولاً بغير علم لأن من معاصي اللسان التي هي من الكبائر أن يفتي الشخص بفتوى بغير علم، وقد صحّ وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سُئل عن بعض الأشياء فقال: “لا أدري” ثم سأل جبريل فقال: “لا أدري أسأل ربّ العزة” فسأل الله تعالى فعلّمه جواب ذلك السؤال، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ماذا علّمه ربه، وهذا السؤال كان عن خير البقاع وشر البقاع، وفي لفظ عن خير البلاد وشرها. فقال جبريل عليه السلام: “خير البلاد المساجد” وفي لفظ: “خير البقاع المساجد وشرّ البقاع الأسواق“.

                              وقد قال عليه الصلاة والسلام: “من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض” .وقال صلى الله عليه وسلم: “من أفتى بغير علم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين”فكم وكم من الناس يهلكون أنفسهم ويهلكون غيرهم بسبب فتوى بغير علم ، بسبب فتوى ما أنزل الله تعالى بها من سلطان .

                              لذلك أخي المسلم إن سئلت عن مسئلة ما ثبت لك فيها نقل ، ما سمعت بها قل : لا أدري . وتذكّر قول الله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾.وقد قال بعض الصحابة: “أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار“.فمن سئل عن مسئلة ولم يكن عنده علم بحكمها فلا يغفل كلمة لا أدري. فقد جاء عن مالك رضي الله عنه أنه سئل ثمانية وأربعين سؤالاً فأجاب عن ستة وقال عن البقية لا أدري .وروي عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه سئل عن شىء فقال: “وابردها على الكبد أن أسأل عن شىء لا علم لي به فأقول لا أدري”.فإذا كان هذا حال أعلم الصحابة علي رضي الله عنه الذي قال سيدنا عمر رضي الله عنه فيه: “نعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن” فكيف حال من سواه .واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ ِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾سورة الأحزاب، اللّـهُمَّ صَلِّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ.

                              اللـهم اهـدِنا فيمَن هـديت .. وعافـِنا فيمـَن عافـيت .. وتولنا فيمن توليت .. وبارك لنا فيما أعطيت .. وقِـنا شـر ما قضيت .. انك تقضي ولا يـُقضى عليك.. اٍنه لا يذل مَن واليت .. ولا يعـِـزُ من عاديت .. تباركت ربنا وتعـاليت .. لك الحمد على ما قـضيت .. ولك الشكر على ما أعـطيت .. نستغـفـُرك اللـهم من جميع الذنوب والخطـايا ونتوب اٍليك. اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معـصيتك .. ومن طاعـتك ما تبلّـغـُـنا به جنتَـك .. ومن اليقـين ما تُهـّون به عـلينا مصائبَ الدنيا .. ومتـّعـنا اللهم باسماعِـنا وأبصارِنا وقـواتـِنا ما أبقـيتنا .. واجعـلهُ الوارثَ منـّا .. واجعـل ثأرنا على من ظلمنا.. وانصُرنا على من عادانا .. ولا تجعـل مصيبـتَـنا في ديـننا .. ولا تجعـل الدنيا أكبرَ هـمِنا .. ولا مبلغَ علمِنا .. ولا اٍلى النار مصيرنا .. واجعـل الجنة هي دارنا .. ولا تُسلط عـلينا بذنوبـِنا من لايخافـُـك فينا ولا يرحمـنا..وأعـتـق رقابنـا من النـار …. اللـهم تـقبـل منـا اٍنك أنت السميـع العـليم .. وتُب علينا اٍنك أنت التواب الرحيم اللهـم أحـسِـن عاقبتنا في الأمـور كلـها .. وأجـرِنا من خِـزي الدنيا وعـذاب الآخـرة اللهـم اٍنا نسألك اٍيمانـًا كاملاً .. ويقـينـًا صادقـًا .. وقـلبًا خاشعًا ..ولسانًا ذاكرًا ..وتوبة نصوحة.. وتوبة قبل الموت .. وراحة عند الموت .. والعـفـو عـند الحساب .. ونسألك الجنةَ ونعـيمَها .. ونعـوذ بك من النار .. يارب العـالمين. يا ذا الجلال والاكـرام. اللهم اغـفـر لنا ذنوبنا … اللهُـم اٍنا نسألك عـيشةً نقـيةً .. وميتةً سويةً .. ومـَرَداً غـير مخـزٍ ولا فـاضِـح اللـهُم اٍنا نعـوذ ُ بك من زوال نعـمتِك .. وتحـوّل عافيتـِك .. وفَجأةِ نِقـمتـِك .. وجميعِ سَخطـِك اللـهم اٍنا نعـوذ ُ بك من يومِ السوء .. ومن ليلةِ السوء .. ومن ساعةِ السوء .. ومن صاحبِ السوء .. ومن جـار السوء. اللـهم اٍنـا عـبيدُك .. بنو عبيدك ..بنو اٍمائك .. نواصِـينا بيدك .. ماضٍ فـينا حُكمك .. عـدلٌ فينا قضاؤك .. نسألك بكلِ اسم هـو لك .. سمّيتَ به نفـسَـك .. أو أنزلتـَهُ في كتابك .. أو عـلّمته أحـداً من خلقـِك .. أو استأثرت به في عـِلم الغـيبِ عندك .. أن تجعـل القرآن الكريم ربيعَ قلوبنا .. ونورَ صدورنا ..وجَلاء حُـزننا .. وذهاب هـمِنا وغـمِنا . ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة و في اللآخرة حسنة وقنا عذاب النار. عبادَ اللهِ ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا
                              وَأَقِمِ الصلاة.







                              ***********************************************



                              http://www.sunni.be/








                              تعليق

                              • سهيله
                                زراعي جديد
                                • Oct 2016
                                • 45

                                موضوع مميز مثل صاحبه
                                الله اكبر

                                تعليق

                                مواضيع شائعة

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                جاري المعالجة..
                                X