لا نفتأ بين الفترة والأخرى نستقبل خبرا عن بعض الفضائح المتعلقة بالأمن الغذائي في جمهورية الصين الشعبية ذات المليار نسمة او ينيف
فبعد فضيحة حليب الأطفال الملوث بالميلامين ، و صلصة الصويا الملوثة بنسبة عالية من الزرنيخ ، ولحم الخنزير أكرمكم الله المعامل بمادة الكلنبوتيرول ( وهي مادة نشطة تساعد على اكتساب الوزن ) ، ومن بعدها أيضا حمض البوريك لإضفاء اللون الأحمر عليه ... ثم مرورا الى انفجار البطيخ بسبب الاكثار من استعمال "forchlorfenuron" من اجل تسريع النمو كما قرأنا بموضوع الاستاذ "ابو حمزة" هنا بالمزرعة
بعد هذه السلسلة من الفضائح او الجرائم بتعبير أصح وأنسب ، يواجه المزارعون الصينيون وتجار الخضراوات حاليا مساءلة قانونية يتهمون فيها برش الخضروات الورقية -وعلى رأسها الملفوف - بمادة الفورمالدهيد من أجل حفظها مدة أطول دون أن ترتخي اوراقها و تتعرض للذبول خاصة عند ارتفاع درجات الحرارة
الفورمالدهيد "Formaldehyde" ويسمى أيضا بالفورمول ، هو مركب عضوي عبارة عن غاز عديم اللون في درجة الحرارة العادية ، سريع الذوبان في الماء وقابل للاشتعال
يمكن ان نحصل عليه في الطبيعة عن طريق الاحتراق غير الكامل للمواد التي تحتوي على الكربون ، ولذلك فهو يمكن ان ينتج من خلال حرائق الغابات وانبعاثات السيارات ودخان التبغ ...
وله استعمالات متعددة : ففي المجال الطبي يستعمل كمطهر ومعقم للجراحات البيطرية ، ويستعمل كذلك في التحنيط بمعاهد الطب لدراسة علم التشريح ، ويدخل في بعض الصناعات الكيماوية مثل المطهرات المنزلية و الطلاء وصناعة السجاد والملابس ... كما يستعمل لقدرته الفائقة في قتل البكتيريا ومنع تكونها ، في حفظ الأدوية وفي الصناعات الغذائية كمادة حافظة "E240" منعت منذ فترة في بعض الدول لاعتبارها مادة مسرطنة شديدة السمية
الا ان الآثار الجانبية للفورمالدهيد تفوق فوائده و الحاجة الى استعماله في حياتنا اليومية ، فقد اعتبرته منظمة الصحة العالمية مادة مسرطنة بعد العديد من الدراسات التي اثبتت تسببه في سرطان الجهاز التنفسي و اللوكيميا ( سرطان الدم ) والعقم ...
كل هذا لم يمنع المزارعين الصينيين من استعمال هذه المادة المحظورة كليا في دول الاتحاد الاوروبي وبعض المناطق الاخرى الا لأغراض مخبرية مقننة جدا
ووجدتني أتساءل : ما الذي يجعل السلطات الصينية متساهلة مستهترة الى هذا الحد بالسلامة الغذائية لمواطنيها و مواطني البلدان التي تستورد منتجاتها الغذائية ؟
نحن نعجب كثيرا بما وصل اليه هذا الشعب المكافح من نمو اقتصادي ملحوظ جدا في فترة قصيرة ، وكذا الارادة القوية والعزم والديناميكية التي يتصف بها الصينيون
لكن من جانب آخر نلاحظ عليهم استهتارا بالروح و بالمبادئ والقيم الانسانية ومظاهر التكافل الاجتماعي والعاطفي التي لا تخلو منها حتى المجتمعات الحيوانية
والمقلق في الأمر هو ضعف السلطة التي تتمتع بها جمعيات حماية حقوق المستهلك في العالم العربي في ظل تنام مطرد للاقبال على المنتوجات الصينية بصفة عامة في العالم العربي وخاصة منطقة الخليج
هناك قائمة معمول بها في الدول المتقدمة ، بالعديد من المنتوجات الصينية المختلفة المحظورة والتي ثبت ضررها على الصحة ، بدءا من لعب الأطفال الى معاجين الأسنان وأوعية التعبئة والحفظ الخاصة بالثلاجة ... والعديد من المنتجات الأخرى التي ثبت ضررها على الصحة
لكنها موجودة بأسواقنا ومتاجرنا دون مساءلة ولا رقيب
فإلى متى يا إلهي هذا الاستهتار ؟ ألهذا الحد أصبحت الروح التي أودعها فينا الخالق أمانة ، رخيصة بخسة تبادل بالمال ؟
رحماك يا رب ولطفك بالعباد !
مصـادر الموضـوع
تعليق