في عرض المحيط الأطلسي بالقرب من المملكة المغربية بحوالي اربعين كيلومترا تتواجد "الجزر الخالدات" أو ما يعرف باسم "جزر الكناري"
هي مجموعة من الجزر تنقسم الى سبعة كبرى رئيسية وأخرى صغيرة تتناثر حولها كلها ذات أصل بركاني
وهي تابعة لدولة اسبانيا وعليها نزاع تاريخي طويل لا يزال قائما الى يومنا هذا بينها وبين المغرب حول الأحقية في السيادة عليها
تمتاز جزر الكناري بمناخ معتدل طوال أشهر السنة صيفا وشتاء وقد ساعدت طبيعة المناخ في وجود غطاء نباتي متنوع قريب من الغطاء النباتي الذي يتواجد في منطقة شمال إفريقيا
هذا عدا عن بعض النباتات والأشجار المتوطنة بالمنطقة والتي تعتبر الجزر موطنها ومنشؤها الأصلي مثل شجرة دراسينا التنين والصنوبر الكناري وغيرها ...
اغلب الجزر الصغيرة من مجموع جزر الكناري هي نتيجة انفجارات بركانية عرفتها المنطقة منذ آلاف السنين
وجزيرة لانزاروتي "Lanzarote" هي واحدة من هذه الجزر وليدة البراكين
تمتد على مساحة 845 كيلومترا مربع وتتواجد بها حوالي 300 بؤرة بركانية كانت الى وقت قريب بؤرا نشطة
سنة 1730 تعرضت الجزيرة الى ثورة بركانية هائلة استمرت لستة سنوات متتالية تغيرت فيها التركيبة الجيولوجية والجغرافية للجزيرة كليا وطمرت القرى والمساكن
فأصبحت الجزيرة كلها عبارة عن تربة بازلتية وصخور بركانية لا أثر فيها لحياة حيوانية أو نباتية مما أثر سلبا على النشاط الزراعي الذي كان يزاوله السكان
لكن رغم هذا لم ييأس سكان جزيرة لا نزاروتي وظلوا يحاولون اعادة الحياة الى الجزيرة وقدموا مثالا مذهلا للارادة والتصميم على التعايش مع الظروف البيئية بالوسائل البسيطة المتاحة من طرف الطبيعة
فالخنادق والحفر التي خلفتها الحمم البركانية قام سكان الجزيرة بتهيئتها وزادوا من عمقها في الأرض الى بضعة أمتار أحيانا حتى يصلوا الى الطبقة الأصلية من التربة الزراعية التي كانت قبل انفجار البركان
وفي هذه الحفر قاموا بزراعة كروم العنب وكذا بضعة أنواع من أشجار الفواكه ، الا ان زراعة العنب ظلت هي الأشهر
وعند نجاح الزراعة في هذه البيئة البركانية البحتة توسع سكان لانزاروتي في اعمالهم الزراعية معتمدين على نظام الزراعة في الخنادق الذي ساعدهم كثيرا في مقاومة التيارات الهوائية الجافة القادمة من إفريقيا
فقاموا بحفر خنادق أخرى غير تلك التي خلفتها البراكين طبيعيا ، واحاطوا كل خندق منها بحاجز من الحجارة والصخور البركانية حماية لها من التيارات الهوائية الجافة كما أشرنا
فكان أن حققت زراعتهم نجاحا باهرا وباتت مزراع العنب اللانزاروتي معروفة بكل أنحاء العالم ، والنبيذ - أكرمكم الله - الذي يحمل اسم "عنب لانزاروتي" أضحى من أغلى وأفخر أنواع النبيذ
تُوفر طبقة التربة البازلتية للكروم الرطوبة اللازمة و تمنع عملية تبخر الماء ؛ مما جعل المزارعين يستغنون عن عملية السقي تماما ويعتمدون فقط على مياه الأمطار القليلة التي تعرفها المنطقة و كذا على الندى الذي يتكاثف على جدران وجوانب الخنادق فيوفر للكروم مصدرا للماء قليل لكنه دائم
يصل انتاج الخندق الواحد الى أربعين كيلوغراما من العنب
**********************************************
أتركـكــم مـع الـصور التي توضح كل ما تحدثنا عنه
تعليق