يتجدد عند مطلع كل شهر رمضان الحديث والسؤال عن المفطرات من الأدوية في ضوء ما ورد من نصوص شرعية محدودة اعتمدها الفقهاء في استنباطاتهم واستقراءاتهم للحكم على هذا الدواء أو ذاك بإفساد الصيام أو عدمه
وهو أمر لم يخل من خلاف بسبب أمور كثيرة من بينها النظر الى ماهية الدواء هل هو مغذ او غير مغذ
فمن أخذ بعلة التغذية وتقوية البدن في الحكم بافساد الصوم جعل كل ما يصل الى جوف الصائم مما هو غير مغذ من أي منفذ كان ليس مفطرا كقطرات الأنف والأذن والحقن ...
ومن لم يأخذ بعلة التغذية جعل كل ما يمكن ان يصل الى جوف الصائم مفطرا موجبا للقضاء من أي منفذ وصل اليه
كذلك كان مرد الخلاف الى تحديدهم للجوف الذي يمكن ان يتسرب اليه شئ من الدواء
فمن الفقهاء من جعل كلمة الجوف شاملة للتجويف البطني كله بما فيه الحلق والمعدة وعليه فان كل ما وصل الى الحلق حتى وان لم ينزل الى المعدة فهو مفطر
ومنهم من جعل الجوف مقتصرا على المعدة من اي منفذ نفذ اليها ؛ فاذا وصل شئ من الدواء الى المعدة فهذا مفسد للصيام
وان لم يتجاوز الحلق فلا بأس اذا كان عن غير تعمد لأن المعدة هي مكان التغذية وهي التي ينتقل الطعام منها الى سائر الجسم ...
والحديث عن هذا الخلاف قد يقودنا الى تفريعات كثيرة لا سبيل لنا الى الإحاطة بها
ودائما يبقى الأحوط هو الأخذ برأي جمهور الفقهاء وما أفضت اليه اجتهادات علماء الشريعة قديما وحديثا
وفيما يلي قائمة بغير المفطرات من الأدوية التي حددها مجمع الفقه الإسلامي في دورته العاشرة المنعقد بمكة المكرمة
1- قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
2- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
3- ما يدخل المهبل من تحاميل لبوس ، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي.
4- إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.
5- ما يدخل الإحليل، أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى، من قثطرة أنبوب دقيق أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.
6- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
7- المضمضة والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
8- الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية.
9- غاز الأوكسجين.
10- غازات التخدير البنج ما لم يعط المريض سوائل محاليل مغذية.
11- ما يدخل الجسم امتصاصًا من الجلد، كالدهون والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية.
12- إدخال قثطرة أنبوب دقيق في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء.
13- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها.
14- أخذ عينات خزعات من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل.
15- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل محاليل أو مواد أخرى.
16- دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي.
هذا وكما يبدو فإن المجمع قد سكت عن علاجين منتشرين كثيرا وهما بخاخ الربو وغسيل الكلى ؛ الا أن هيآت شرعية أخرى متصدرة للفتوى قد بينت حكم هذين العلاجين وقررت أن بخاخ الربو وغسيل الكلى ليسا بمفسدين للصيام
فاذا كانت العلة في الحكم بالإفطار هي في التغذية فانه بالنسبة لبخاخ الربو تنتفي هذه العلة كون البخاخ لا يحتوي على مواد مغذية
وما به من علاج موجه الى الصدر والقصيبات الهوائية ، والنزر اليسير الذي يمكن ان يصل الى جوف الصائم ويقاس بجزء من المليلتر لا يشكل الا نسبة قليلة جدا مما يمكن ان يصل الى جوف المتوضئ من ماء أثناء الاستنشاق والذي لا يؤاخذ عليه الشرع ثبوتا بالنص الشرعي
اما غسيل الكلى فقد عمد بعض الفقهاء الى قياسه بالحجامة والتي ذهب الجمهور الى عدم اعتبارها من المفطرات لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالصحيح من النصوص أنه احتجم وهو معتمر واحتجم وهو صائم
واستدلوا بأن غسيل الكلى ليس أكلا ولا شربا إنما هو حقن للسوائل في صفاق البطن ثم استخراجه بعد مدة أو سحب الدم لتصفيته عن طريق جهاز الغسيل الكلوي
كما ان سائل التصفية والمواد المضافة اليه في عملية الغسيل لا يقصد بها التغذية حتى لو كان فيها ما يمكن وصفه بالمغذي
بل هي مواد علاجية الغرض منها اعادة التوازن الى جسم المريض
كان هذا ما قررته الندوة الطبية الفقهية في دورتها التاسعة اضافة الى العمليات الجراحية بالتخدير العام إذا كان المريض قد بيت الصيام من الليل
وهو ما كان المجمع الفقهي قد أجل الحكم عليه قطعيا
************************************************** *
مصادر الموضوع
.
تعليق